المقاوم ليس ذراعاً لأحد لأنه باع روحه لوطنه وشعبه
كاتب المقال : علي سعادة
في هذه الأيام دهشت كثيرا من بعض الكتاب والصحفيين والنشطاء على منصات التواصل الذين يربطون كل عمل مقاوم بأنه أحد أذرع قوى خارجية، ومصدر دهشتي أن الشعب الفلسطيني يخوض نضالا وطنيا وقوميا منذ أكثر من مائة عام ضد الهجمة الصهيونية الاستيطانية على فلسطين، وضد عمليات التهويد والقتل والاعتقال التي كانت تمارسها سلطات الاحتلال البريطاني لفلسطين (1920 – 1948) ضد أحرار فلسطين والعرب. ولم يكن طيلة هذه السنوات أي ذراع يخدمه هذا النضال، أصلا لم تكن هناك ثمة أذرع وقتها.
لقد خاض الفلسطينيون أول ثوراتهم في عام 1920 فيما عرف وقتها بـ”ثورة النبي موسى” ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، وواصلوا ثوراتهم دون توقف، وإن خبت قليلا في بعض السنوات إلا أن الفلسطينيين كانوا ينهضون من كبوتهم من جديد أكثر عنفونا وقوة مثل طائر العنقاء الناري الأسطوري.
وطوال مسيرتهم النضالية لم يعرف عن الفلسطينيين أنهم كانوا ذراعا لأحد أو صوتا لأحد أو بوقا لنظام سياسي بعينه، صحيح كانت تنسج تحالفات بين قادة النضال الفلسطيني وبعض الدولة والحكومات، وأيضا التناغم مع بعض الأفكار الأيديولوجيات، مثل الاشتراكية والقومية، لكنها كانت تقوم لخدمة المشروع الوطني الفلسطيني.
لكن بعد أن دخلت منظمة التحرير الفلسطينية في زحمة المفاوضات والاتفاقيات، وضاعت بوصلتها، وباتت مثلها مثل أي نظام عربي قائم، بل أسوأ نظرًا لأنها نشأت من أجل قيادة المشروع الوطني الفلسطيني في التحرر وإقامة الدولة الفلسطينية على تراب فلسطين الوطني والتاريخي، وعودة اللاجئين إلى بيوتهم التي هجروا منها، لكنها تحولت إلى أداة قمع لشعبها، وإلى التحول إلى وكيل للاحتلال والعمل بالباطن لصالح خططه في إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وتوسيع الاستيطان وحتى عمليات التهجير التي تسير بشكل خفي ومدروس بخبث وخطوة خطوة دون ضجيج .
وبدلًا من أن تقوم بحماية شعبها الذي تنتهك مدنه وقراه وبلداته يوميا، ويعتقل كل يوم العشرات من أبنائه، ويقتلون ويصابون بجروح بليغة وتدمر البنية التحتية على مرأى من الذين يفترض أنهم يقودون النضال الوطني الفلسطيني، تمارس دورًا مشبوهًا في التنسيق الأمني بالكامل مع الاحتلال في جميع خطواته التي تهدف إلى تدمير الهوية الوطنية الفلسطينية، وسرقة حقوقه دون أي اعتراض رسمي فلسطيني من رام الله!
وعلى طريق النضال والبطولة كان يسير مقاومون رفضوا حياة الذل والمهانة، فحملوا بنادقهم لحماية وطنهم وشعبهم، تحركوا بحافز وطني فلسطين مزودين بشحنة من الإيمان والانتماء إلى أمتهم العربية.
لم يكونوا ذراعا لأحد مثل السلطة التي تحولت إلى أحد أذرع الصهيونية.
إن وصف أي مقاوم بأنه ذراع لأي دولة إقليمية فيه تجنٍ وتخوين لرجال نذروا أنفسهم لشعبهم ولأمتهم، وباعوا الدنيا، وتحولوا إلى مطاردين ومطلوبين للاحتلال وللسلطة في آن واحد.
هؤلاء مقاتلون وليسوا سياسيين يجلسون وراء المكاتب ببذلة سموكنغ، وربطة عنق فاخرة من الحرير، السياسي وحده من يكون ذراعًا لأحد، أما من يحمل البندقية على كتفه فهو يحمل روحه على كتفه الأخرى، ولا يسعى سوى إلى حرية شعبه ورضا خالقه، وليس ذراعا لأحد، ولو أراد أن يكون ذراعا لأحد لجلس هو في المقاطعة في رام الله!