الحرب لن تنتهي لان ترمب يرغب بذلك فقط
كاتب المقال : حازم عياد
الحرب لن تنتهي لأن الرئيس الامريكي 47 يريدها أن تنتهي فالأمر يتطلب أكثر من مجرد الرغبة بوقفها، فهل يستطيع دونالد ترمب اجبار نتنياهو على وقف الحرب والاكتفاء بالدمار والجرائم التي اقترفها في قطاع غزة وجنوب لبنان؟ هل يستطيع أن يجبره على الانسحاب من لبنان وقطاع غزة ويتسبب بانهيار حكومته الائتلافية ومشروعه السياسي في الإقليم.
هل يستطيع دونالد ترمب ان يجبر المقاومة الفلسطينية وحركة حماس على التنازل عن شروطها، بانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة وعودة النازحين وادخال المساعدات ورفع الحصار، وعقد صفقة عادلة مع المقاومة لاطلاق سراح الاسرى وتبادلهم؟.
هل بإمكان دونالد ترمب وقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية شمال فلسطين دون أن يتجاوز شروط الاحتلال والمقاومة اللبنانية بعودة الهدوء، وهي شروط تتصل بشكل مباشر بما يحدث في قطاع غزة؟ وبتطورات الموقف في البحر الأحمر والخليج العربي والعراق وسوريا؟
و هل يستطيع دونالد ترمب اقناع المقاومة اليمنية وقف هجماتها على الكيان المحتل وفرض حصارها البحري عليه دون وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وهل يستطيع أن يحقق ذلك في العراق وسوريا وايران دون ا يندفع نحو تصعيد كبير وضخ المزيد من القوة والموارد في الحرب لفرض رؤيته وحلوله؟.
انها اسئلة كثيرة أبرز ما فيها ان ترمب لن يتعامل مع طرف واحد في معادلة الحرب، ويتوقع أن يضيف ويفعل موارد جديد باضافة دول عربية على رأسها المملكة السعودية والإمارات العربية ودول الجوار الأردن ومصر وصولا الى العراق وتركيا لخفض الكلف وهي استراتيجية لايتوقع ان تنجح بل يتوقع أن تزيد من حجم الاحتقان الإقليمي والشعبي.
وقف الحرب ليس قرار بل عملية طويلة من التفاوض، وجولات القتال، ولا يتخيل عاقل أن تكون النتاج لغزة لطيفة من عصا ترمب السحرية، ليتوقف كل شئ ويعود الى ما كان عليه قبل أربع سنوات عندما كان رئيسا للولايات المتحدة الامريكية.
اليوم التالي للحرب لا يقل خطورة عن الحرب ذاتها لكافة الأطراف المنخرطة فيها والمعنية بتفاصيلها والمتأثرة بتداعياتها وهذه معضلة اخرى يقاتل الجميع من أجلها اطراف المواجهة والقوى الإقليمية والشعبية في المنطقة.
ترمب سيقضي وقتا طويلا مع مستشارية ومع شركاؤه المفضلين في المنطقة العربية والاقليم قبل ان يمضي قدما في استراتيجية التي يمكن أن يضع على رأس أولوياتها في مرحلة معينة استهداف إيران، ليعود ويضطر للتعامل مع المعارك وتفاصيلها اليومية في لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية.
المتغيرات ديناميكية متحركة لم تعد ساكنة كما كانت لحظة نقل ترمب السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، واطلاقه لصفقة القرن والتطبيع المشؤومة قبل أربع سنوات التي مهدت بدورها للفوضى والحرب الشرسة المشتعلة اليوم في المنطقة، وهي حرب لازالت مرشحة للتوسع ناقلة المنطقة إلى مرحلة أشد خطورة من الاستقرار الذي قد يغذيه نزق ترمب وقفزاته المجنونه بين الحين والاخر.
التطورات الميدانية سترسم مسار ترمب واستراتيجيته، وليس رغباته ورغبات شركائه في المنطقة الذين تعاونوا معه قبل أربع سنوات في صفقة القرن وما شاكلها، كما أن الموارد ومتطلبات الاستراتيجية الامريكية العالمية تجاه الصين وأوروبا وروسيا وتجاه الداخل الأمريكي ستبقى حاضرة وضاغطة على دونالد ترمب، وستلعب دورا مهما في تقلبات مزاجه واهتماماته خلال السنوات الأربع المقبلة، ما يعني أن الوصول إلى حسم نهائي ووقف شامل لإطلاق النار مسألة غير متصورة.
أخيرا لا يتخيل أن يقبل ترمب بدولة في الضفة والقطاع والقدس بعد أن رفع سقفه من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس إلى ضم أراضي جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي الصغيرة حسب وصفه، أمر سيمضي به إذ لم يجد مقاومة ووجد بديلا عنها في بعض العرب من يتكيف مع ضغوطه واحتياجاته الترمبية.
ختاما.. الواقع الافتراضي لحالة الإرهاق العسكري والسياسي والاقتصادي للكيان الاسرائيلي والقوى الأمريكية بشقيها الدبلوماسي والعسكري والقوى الاقليمية ولسائر اطراف المعركة سيدفع الاطراف ومن ضمنهم ترمب بين الحين والاخر للبحث عن حلول وسط ، أو على الأقل للبحث عن هدن طويلة واخرى قصيرة لتخفيف التوتر في المنطقة ومنعها من الانهيار، فالاطراف لن تتنازل عن أهدافها وغاياتها النهائية التي دفعتها للمواجهة وتحمل تكلفتها الباهظة لمجرد ان ترمب يرغب بذلك بل لان هناك من سيفرض عليه وعلى (إسرائيل) فعل ذلك.