ودّ قديم (بين عشيرتي المجالية والوحيدات )
كاتب المقال : موسى عياد الوحيدي

يذكرني به الزميل العزيز في الصحافة الأردنية عبدالله المجالي كلما دخل غرفة مكتبي في الجريدة والمجالية جذورهم قوية بالخليل وجَلو شرقي وادي عربة إلى “الكرك” فسمو بالمجالية… ذلك أن أخي الشاعر والكاتب الأردني المعروف جميل عياد وكيل ضابط في الجيش الفلسطيني تحت الإشراف المصري لقطاع غزة أيام الانتداب البريطاني سيّء الذكر خرج من سجن سهيلة سنة ١٩٤٩ بعد معركة بئر السبع الكبيرة وسقوطها للقوات الصهيونية… كل هذا بعد هزيمة الدول العربية السبع أمام عصابات صهيونية، ولجأ أغلب عشيرتنا (الوحيدات) إلى أغوار أريحا وبعض قرى الخليل مثل العروب والفوار وغيرها، واستقرت الضفة الغربية كلها تحت إشراف الجيش الأردني بعد معارك البطل حابس المجالي المشهورة في باب الواد وأسوار القدس واللطرون، وكان رحمه الله يتردد كثيرا على مقعد الخال سليم حسن في العروب… واصطحب الوالد أبو ماجد موسى سليم إلى الكرك عند ديوان رفيفان باشا المجالي رئيس بلدية الكرك دون منازع حتى وفاته، ومر البطل حابس المجالي أمام الديوان متجها للعبدلي قيادة الجيش الأردني، فناداه دليوان باشا … (يا حابس يا حابس! هذا الوحيدي له عند جدك ٩ روس خيل) يقصد بفرسانها أيام الحروب بين القبائل آخر الدولة العثمانية، فقال لحابس رحمه الله : ( أدخل ابنهم “جميل” عند الباشا ابو حنيك كلوب باشا قائد الجيش الأردني فقال حابس رحمه الله أبشر يا عم أبشر ،
فقال كلوب لأخي جميل ما شاء الله ما شاء الله هذا أنت تعرف إنجليزي جيدا وصف ضابط في سلاح الإشارة، لن نخاف عليك، نحن نريد أن نأتي بشباب الصحراء لنعلمهم ليكونوا مثلك، وانتهت المقابلة. فرجع أخي إلى والده في الفندق في عمان قبل جامع الحسين، ووجد عندهما مغلفين بعشرين دينارا لكل منهما هدية من الباشا كلوب،
والعشرون دينارا يومها سنة ٤٩ تساوي أكثر من ٤٠٠ دينار ، ويوم نُسفت رئاسة الوزراء في عمان استشهد فيها هزاع المجالي، وكُسرت ذراع ضيفه في مكتبه الحاج موسى سليم أبو ماجد .
وفي أواخر الدولة العثمانية كانت ثورة المجالية على الأتراك فأُسر الزعيمان (قدر ورفيفان ) فقالت فتاة المجالية فيهما هجينيا رائعا منه وهما أسيران في إسطنبول ((يا طير يا مرفرف الجنحان سلم على قدر ورفيفان )) وطهر الحسين رحمه الله الجيش الأردني من كلوب وزملائه الإنجليز واستلم راضي عناب وحابس المجالي الجيش الأردني، ويومها عمت الأهازيج في البلاد من أقصاها إلى أقصاها : ( يا كلوب وأرحل عنا هذي البلاد بلادنا وبلاد أبونا وجدنا)، (دبت النار والبارود غنى يا ملك حسين يا حامي وطنا) وغيرها.
وزرتُ والخال الحبيب أبو العبد والشقيق أبو أمين والد المحامي إبراهيم قائد مقاطعة أريحا في مرضه الأخير وهو موسى المحيسن فسألته: يا عم وهل كلوب يعرف العربية؟ بحكم خدمتك معه؟ فقال : نعم نعم يجيد العربية أكثر مني ومنك.
وتاريخنا مع المجالية مصدره الأول الحاج سليم حسن رحمه الله.