مرة أخرى فصل “المنظمة” عن “فتح” ضرورة وطنية
كاتب المقال : علي سعادة
حسنا، حركة التحرير الوطني الفلسطيني التي تعرف اختصارا بـ”فتح” خرجت في مظاهرة وهي تحمل رايتها الصفراء في الخليل دعما للسلطة الفلسطينية ولحملتها على مخيم جنين ومخيمات شمال الضفة لاحقا، وهذا من حقها بوصفها الحزب الحاكم في المقاطعة برام الله.
فهي تدافع عن مصالحها بحكم أن جميع قادة السلطة الفلسطينية في المقاطعة هم من حركة فتح، وأيضا غالبية عناصر الأجهزة الأمنية بتعدد مسمياتها هم من “فتح”.
وأظن أنها ستخرج في مظاهرات أو مسيرات أخرى في ذكرى تأسيس “فتح” غدا، لا بأس فهذا حقها الوطني في أن تحتفل في هذه المناسبة.
كل ذلك لا اعتراض عليه، لكن أن تصبح “فتح” هي منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تتحدث باسمها فهذا تجاوز خطير، فالمنظمة هي حاضنة لجميع الفصائل الفلسطينية .
وأنشئت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 قبل الإعلان رسميا عن تأسيس “فتح” عقب قرار صدر عن القمة العربية الأولى التي عقدت بالقاهرة. وكلف المؤتمر ممثل فلسطين ي الجامعة العربية، أحمد الشقيري، بتقديم تصور للقمة الثانية عن إنشاء كيان يتحدث باسم الشعب الفلسطيني، ووضع مشروع للميثاق والنظام الأساسي. وأسفرت جهود الشقيري من خلال زيارته للعديد من التجمعات الفلسطينية المنتشرة في الدول العربية عن انتخاب “المجلس الوطني الفلسطيني” الذي يعتبر بمثابة السلطة التشريعية للمنظمة.
وأعلن المؤتمر العربي الفلسطيني الأول قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وصادق على الميثاق القومي للمنظمة وعلى نظامها الأساسي، وانتخب الشقيري رئيسا للجنتها التنفيذية التي كلف باختيار أعضائها.
واعترف بها عربيا كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين.
كان الهدف الرئيسي من إنشاء المنظمة هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح إلا أن المنظمة تبنت فيما بعد فكرة إنشاء دولة ديمقراطية مؤقتا في جزء من فلسطين حيث كان ذلك في عام 1974 في البرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، والذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية وقتها، حيث شكلت ما يعرف بجبهة الرفض.
في عام 1988 تبنت منظمة التحرير رسميا خيار الدولتين في فلسطين التاريخية، والعيش جنبا لجنب مع دولة الاحتلال في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وبتحديد القدس الشرقية عاصمة لهم.
في عام 1993 قام رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير آنذاك ياسر عرفات بالاعتراف رسميا بدولة الاحتلال، في المقابل اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، نتج عن ذلك تأسيس سلطة حكم ذاتي فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق اتفاقية “أوسلو”.
ويعتبر رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، رئيسا لفلسطين والشعب الفلسطيني في الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى فلسطينيي الشتات.
هذا الدمج غير الصحي والمضر بين المنظمة و “فتح” والذي بدأ بسيطرة الفدائيين برئاسة الراحل ياسر عرفات على رئاسة المنظمة تسبب في إشكاليات عدة بين الفلسطينيين، من بينها انشقاقات كبيرة في حركة فتح نفسها، وخروج فصائل فلسطينية من المنظمة بسبب تبني السلام كخيار وحيد وإسقاط خيار الكفاح المسلح.
كما تسبب نهج المنظمة في التهافت على مشاريع السلام في عدم دخول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي وفصائل أخرى صغيرة تشكل حاليا عناصر مهمة في المقاومة في قطاع غزة.
وبات من الضروري فصل رئاسة منظمة التحرير عن الرئاسة الفلسطينية وعن حركة فتح، وأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية حركة تحرير وطني فلسطين مستقلة بشكل كامل في مواقفها وخياراتها اسلايسية وغيرها. وبالتالي لن يلوم أحد “فتح” على كل ما قتوم به حاليا من تنسيق أمني ومن ضرب بيد من حديد على المقاومين الذين أسمتهم ” خارجين على القانون”.
نوم “فتح” والمنظمة في سرير واحد أصبح أشبه بعملية احتيال على الشعب الفلسطين، وبات من الضروري الانفصال والطلاق بالثلاثة!