الأردن في مواجهة الحقبة الثانية للأهوج ترامب
أفترض أن وزارة الخارجية ومؤسسات أخرى في الدولة تواصل الليل بالنهار لتشكيل صورة واضحة عن رؤية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المرتقبة للمنطقة.
بالتأكيد لن تعتمد تلك المؤسسات على وسائل الإعلام لتشكيل تلك الرؤية، فهناك سفارة في واشنطن، وهذه الأيام أفترض كذلك أنها تواصل الليل بالنهار لتزويد صانع القرار بما يفيده في تشكيل تلك الصورة.
وبالتأكيد هناك تواصل واتصالات مع شخصيات مهمة داخل النظام الأمريكي، ولدى الأردن علاقات واسعة وثيقة مع أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي ومن الحزب الجمهوري كذلك، وتلك الاتصالات ستسهم بالتأكيد في تجميع الصورة المطلوبة.
وبسبب العلاقة الاستراتيجية بين عمّان وواشنطن، وبسبب دور الأخيرة الرئيسي في المنطقة وخصوصا في ملف القضية الفلسطينية، فإن عمّان تسعى لاستكشاف رؤية ترامب المقبلة، خصوصا على صعيد علاقات واشنطن مع عمّان، وعلى صعيد العدوان على غزة، وعلى صعيد حل القضية الفلسطينية وخصوصا فيما يتعلق بالقدس، وهل سيعيد ترامب طرح صفقة القرن من جديد؟ أم سيطرح نسخة منقحة منها؟ وما هي ملامحها؟
كما تهتم عمّان برؤية ترامب للتواجد الأمريكي العسكري بالمنطقة، وهل سيسعى إلى سحب القوات الأمريكية من سوريا ومن قاعدة التنف على وجه التحديد؟
وفق ذلك من المفترض أن تحدد عمّان رؤيتها وسياستها ومواقفها وخياراتها بالتعامل مع الحقبة الثانية لترامب، ومن المفترض أن يكون ذلك وفق مصالح الأردن العليا خصوصا فيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية والقدس على وجه الخصوص.
بالطبع عمّان لم تكن سعيدة بالطاقم الذي اختاره ترامب ليحيط به، فهم ليسوا مغرمين بالكيان الصهيوني فقط (بالمناسبة كل المسؤولين الأمريكيين لدى بايدن كذلك)، لكنهم مغرمون باليمين الصهيوني المتطرف، وهذا اليمين يشكل خطرا وجوديا على الأردن.
تكاد التقارير الإعلامية تجمع على أن ترامب شخصية نرجسية لا تحب أن ينافسها أو يوجهها أحد، لذلك كان يقدم الولاء له على كافة المعايير لدى اختياره مسؤولي إدارته، ولذلك فمن المتوقع أن يسير هؤلاء على رأيه وأن يسمعوه ما يريد أكثر من قدرتهم على التأثير على مواقفه.
من هنا أفترض أن تسعى عمّان جاهدة إلى فتح خطوط اتصال مباشرة مع ترامب، وأفترض أن تسعى إلى اكتشاف مفاتيح تساعدها في فتح تلك الخطوط. فهل ستنجح؟