لماذا يدفع المستهلك الأردني ثمن فوضى قطاع الكهرباء؟!
كاتب المقال : علي سعادة
قرار اتخذته شركة الكهرباء الأردنية بقطع التيار الكهربائي عن المشتركين في حال تراكم الذمم والفواتير لحد 50 دينارا، بعد أن كان النظام القديم يسمح بتراكم الذمم لحد 100 دينار قبل اتخاذ قرار فصل التيار الكهربائي.
الشركة بررت القرار بأنه لتجنب تراكم الفواتير والذمم على المواطنين بشكل أكبر، مما يجعل من الصعب عليهم سدادها، بالإضافة إلى أنه يؤثر سلبا على إيرادات الشركات في تأخر التحصيل.
القرار لم يكن مريحا لغالبية المواطنين وأعرب البعض عن استيائهم من هذا القرار، معتبرين أنه يشكل ضغطا إضافيا على ميزانية الأسرة المنهكة والمثقوبة أصلا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتآكل الرواتب والأجور، فيما دافع صحفيون ومسؤولون عن القرار بأنه يصب في مصلحة المواطن حتى لا يتراكم عليه الذمم في ظل الظروف الصعبة ويصبح السداد صعبا ويشجع على الالتزام والتسديد المنتظم.
وبعد تركيب العدادات الذكية أصبح التحكم في الفصل والوصل للتيار الكهربائي عن بُعد باستخدام شبكة الاتصالات المتاحة المبنية على تكنولوجيا الألياف الضوئية، واحتساب الفواتير وإرسالها للمشتركين من خلال الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة والبريد الالكتروني.
وبالتالي فصل التيار الكهربائي لا يحتاج إلى جابٍ ليقوم بقطعه من العداد، وحين كان يفصل التيار الكهربائي في السابق كان يأتي الجابي ليوصله لكن حاليا يتم الفصل والإعادة عن بعد، ومع ذلك فالمواطن الذي يفصل عنه التيار الكهربائي سيكون مطالبا بدفع كامل المبالغ المتراكمة عليه ومبلغ 3 دنانير لإعادة التيار الكهربائي عن بعد.
هل هذه الدنانير الثلاثة هي عقوبة إضافة و”قرصة أذن” للمواطن بعدم تكرار التأخر في الدفع، خصوصا بعد أن تم الاستغناء عن الجباة؟!
وتفتح قضية إنهاء عقود 400 عامل من جباة شركة الكهرباء، ملف التعديلات الجديدة على قانون العمل التي سمحت للشركات بمثل هذا الفصل، ما يعني تقليص الحماية عن العمال، في وقت يعاني فيه الشباب من تحدي ارتفاع معدلات البطالة.
شركة الكهرباء تقول بأنه لا تربطها عقود مباشرة مع هؤلاء الموظفين وليسوا من كوادر الشركة، وإنما هم معينون لدى شركات أخرى تعاقدت مع شركة الكهرباء بموجب عطاءات طرحتها ضمن مناطق امتياز الشركة في 4 محافظات من خلال 4 شركات.
إن إنهاء الخدمات بهذه الطريقة يشكل تهديدا للأمن الاجتماعي والاقتصادي للعمال وللأسر التي يعيلونها، وكان من الأولى بهذه الشركات أن تستثمر بهم وتأهلهم للعمل في مجالات أخرى بدلا من إنها خدماتهم.
وبات من الضروري أن نوضح للقارئ أن شركة الكهرباء الوطنية تقوم بشراء مصادر إنتاج الطاقة ثم تبيعها لشركات التوليد العاملة في المملكة، وثم تشتري الطاقة الكهربائية المولدة من هذه الشركات ثم تقوم بعد ذلك ببيعها لشركات التوزيع الثلاثة: الكهرباء الأردنية، وتوزيع الكهرباء، وإربد، التي تزود المستهلكين فيها باعتبارها الحلقة النهائية.
أي أن شركة الكهرباء الوطنية تلعب دور المشتري والبائع والناقل الوحيد للطاقة .
يعني لفة طويلة ومعقدة يدفع المواطن ثمنها وهي التي تتسبب في ارتفاع الكلفة ومن الأسباب التي تكبد شركة الكهرباء الوطنية خسائر ضخمة، فتشتكي شركة الكهرباء الوطنية بأن شركات التوزيع تتأخر في سداد الذمم المستحقة التي تبرر السببب بدورها إلى تأخر المؤسسات في سداد أثمان اشتراكاتها. ثم تأتي قضية أخرى تحتاج إلى بحث منفصل وهي سرقة الكهرباء حيث تم ضبط نحو 14 ألف حالة سرقة منذ بداية العام إضافة إلى سرقات تتم دون الكشف عنها .
فيلجأ الجميع إلى الحلقة الأضعف المواطن الذي يتحمل نتائج هذه الخلل في إدارة قطاع الكهرباء.
واقع قطاع الكهرباء أصبح يستدعي التفكير جديا في كيفية الخروج من نموذج اللاعب الوحيد في القطاع لصالح المنافسة بين الشركات فيه، بما يخدم في نهاية الأمر المستهلكين أن تنافس شركات القطاع على هذه المهام سيولد بالضرورة منافسة وخفضا للأسعار، على غرار تجربة قطاع الاتصالات، وفي النهاية سيكون المستهلك مستفيدا من التنافس بين هذه الشركات عدا عن تحسين نوعية الخدمات المقدمة لهم.
إن كون شركة الكهرباء الوطنية المشتري والبائع الوحيد للطاقة يكلفها خسائر كبيرة تراكمت في نهاية المطاف على موازنة الدولة، باعتبار أن الشركة حكومية.
فيكون المواطن ضحية كل هذه الملفات المتشابكة لأنه في النهاية المستهلك، والمستهلك دائما يدفع ثمن عملية الإنتاج كاملة بسلبياتها وإيجابياتها.