الشهود في غزة أصبحوا شهداء وصمت الصحفيين مخز
حمام الدم الصحفي الفلسطيني لا يزال ينزف ويجرى مدرارا، ولا توجد في الأفق أية بارقة أمل في أن تتحرك أية جهة عربية أو إسلامية أو دولية أو أممية لمحاسبة العصابة الصهيونية التي تستبيح دماء حراس الوعي والمدافعين عن الحقيقة والكاشفين عن جرائم الاحتلال التي تجاوزت كل حدود الإجرام والسادية والسيكوباثية التي عرفها الطب النفسي.
صباح هذا اليوم ووسط العتمة ارتكب ورثة هتلر جريمة بقتل 5 صحفيين فلسطينيين أمام مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، واحترقوا جميعا وهم الشهداء: فادي حسونة وإبراهيم الشيخ علي ومحمد اللدعة وفيصل أبو القمصان وأيمن الجدي.
الجنود الجبناء كانوا يعرفون بأنها سيارة صحفيين فشعار الصحافة كان موجودا وظاهرة وبشكل واضح للجميع على السيارة من عدة جهات، لكنه تعمد تنفيذ جريمته حتى يخفي جرائمه عن العالم، وهي جرائم لم تعد سرا، فمنصات الصهاينة والجنود تعج بمئات الصور والفيديوهات لجرائم يرتكبها هؤلاء المرتزقة والحثالة في كل لحظة على امتداد مساحة قطاع غزة المنكوب.
طائرة مسيرة إسرائيلية قصفت سيارة بث لقناة “القدس اليوم” التي يعمل فيها الصحيفون الخمسة، حيث كان ينتظر أحدهم وهو الصحفي أيمن الجدي، ولادته طفله أمام المستشفى.
واستشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، 201 صحفي وصحفية، مع إصابة المئات واعتقال العشرات، وهي جريمة حرب وفق المواثيق الدولية.
الصمت المطبق في جميع عواصم العالم الذي يبدو أنه اعتاد المشهد وتعود على رؤية الفلسطينيين يقتلون دون سبب شجع العصابة التي ترتدي ملابس عسكرية على مواصلة قتل الشهود على الجريمة، ولم نسمع من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان وبالصحافة والإعلام والحريات أية كلمات غاضبة أو تصريحات تدين أو أية خطوات عملية لتقديم قتلة الصحفيين للقضاء الدولي والأممي.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتعرض غزة لحرب إبادة جماعية إسرائيلية وبدعم غير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية على رأسها ألمانيا وبريطانيا تسببت في استشهاد وإصابة أكثر من 153 ألف فلسطين وفلسطينية، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى دمار هائل ومجاعة أودت بحياة العشرات، وسط تجاهل دولي للانتهاكات.
قد يكون من بين أهداف اغتيال الصحفيين طمس الحقيقة وتقييد حرية التعبير ومعاقبة الصحفيين على مواصلة أداء رسالتهم الوطنية والإنسانية، لكن الاحتلال بدعم أمريكي وغربي لم يعد يهتم بالدم والمعانة الفلسطينية، ولم يعد يخشى انكشاف أمره، فالعالم بات يعرف هذا الكيان المجرم المنبوذ والمارق والخارج عن القيم الإنسانية.
ويحزننا أن تواصل نقابات الصحفيين واتحادات الكتاب والأدباء العرب وحقوق الإنسان الصمت وعدم التحرك الفعلي لمقاضاة قتلة الصحفيين وجلبها إلى قفص العدالة. حتى البيانات الكلامية لم تعد نقابات الصحفيين العربية تدلي بها دون موفقة حكوماتها.