مخاطر عهد ترامب على القضية الفلسطينية والدور المطلوب
كاتب المقال : رأفت مرة
(*) كاتب فلسطيني
الاستراتيجية الأمريكية تجاه دعم وتفوق الكيان الصهيوني هي استراتيجية مؤسساتية ثابتة، وتلتزم الولايات المتحدة بها التزاماً عميقاً تجاه حماية الكيان الصهيوني ومواجهة ما يتعرض له من تهديدات، وتساعده على تحقيق أهدافه.
لكن، كل إدارة أمريكية تعمل على دعم الكيان الصهيوني بطرق مختلفة، وتتنافس في الذهاب إلى أبعد مدى في توفير الدعم السياسي والأمني والاقتصادي للاحتلال، ولدينا نموذج إدارة المجرم بايدن، وما قدمه للاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى المباركة.
وقبل الدخول في مخاطر عهد الرئيس الأمريكي المنتخب حديثاً دونالد ترامب على القضية الفلسطينية، لا بد من تذكير سريع بما فعله ترامب تجاه القضية الفلسطينية في ولايته الأولى (2016 – 2020).
ركز ترامب على استهداف القضية الفلسطينية، فطرح موضوع (صفقة القرن) التي تعني تصفية القضية الفلسطينية، والذهاب نحو التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني من دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم، واعترف بالقدس عاصة للكيان الصهيوني، ومهّد لضم الضفة الغربية للاحتلال، واعترف بسيادة الاحتلال على الجولان السوري، وأوقف الدعم الأمريكي لوكالة الأونروا.
لذلك، سوف يواصل ترامب خلال ولايته القادمة، تنفيذ مشروعه / رؤيته ضد القضية الفلسطينية، ضمن المحاور الأساسية الآتية:
1- الضفة الغربية: سوف يعمل ترامب على استكمال مخطط ضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني، وتشجيع سياسات حكومة نتنياهو لضم الضفة، وفرض مزيد من الإجراءات ضد الفلسطينيين، وتشجيع الاستيطان وزيادة أعداد المستوطنين، وتنفيذ مشاريع الترحيل والطرد ومصادرة الأراضي والاعتقال والسيطرة على الموارد.
2- القدس: سوف يكرس ترامب مشروع تثبيت القدس عاصمة للكيان، وما يتبع ذلك من إجراءات ضد الهوية العربية والإسلامية والفلسطينية للقدس، وتنفيذ المزيد من إجراءات التهويد وطرد الفلسطينيين ومعاقبتهم، ومنع كل ما يتعلق بالسيادة الفلسطينية على القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وهذا سوف يشجع المستوطنين ومنظماتهم على تنفيذ مخططاتهم تجاه المسجد الأقصى المبارك.
3- قطاع غزة: من المتوقع أن يدعم ترامب أو يصمت على كل أهداف حكومة نتنياهو تجاه قطاع غزة، مثل: محاربة المقاومة وإبقاء سيطرة الاحتلال على القطاع، وترحيل الفلسطينيين من الشمال، والسيطرة على المحاور الأساسية مثل محور فيلادلفي، وتجويع الفلسطينيين، ومنع الإغاثة والإعمار، ومخطط القضاء على المقاومة، ومنعها من تحقيق أي هدف مثل تبادل أسرى أو غيره.
4- الدولة الفلسطينية والحقوق الثابتة: سوف تعمل سياسة ترامب على إضعاف ومنع الفلسطينيين من تحقيق هدف إقامة الدولة، وإنهاء الحقوق الثابتة، ومحاصرة وإضعاف مؤسسات السلطة الفلسطينية، ودعم سياسات حكومة نتنياهو تجاه خنق السلطة، لكن مع بقاء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة نظراً لما تقدمه من خدمات كبرى للاحتلال.
5- وكالة الأونروا: سوف تتعرض وكالة الأونروا لمزيد من التضييق والتصفية في ظل إدارة ترامب، وسوف يعمل على محاصرة عمل الأونروا وتقليل الدعم عنها، ونقل مهامها لوكالات أخرى.
كما سوف يدعم سياسات حكومة نتنياهو في محاربة الأونروا وإلغاء دورها.
وهذا سوف يترك نتائج خطرة جداً على قضية اللاجئين الفلسطينيين وعلى حق العودة، وعلى الدول المضيفة للاجئين، كما سوف يهدد الخدمات الصحية والتعليمية التي يحصل عليها اللاجئون ويهدد الاستقرار الاجتماعي.
6- التطبيع: سوف يستكمل ترامب مشروعه (اتفاقات ابراهام) لتعزيز التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وتنفيذ المزيد من اتفاقيات الربط والتعاون الاقتصادي والأمني بين عدد من الدول العربية والإسلامية والكيان، بما يحقق للكيان المزيد من الهيمنة والتوسع والمصالح.
وسوف تكون السعودية من الدول التي تتعرض للضغط من أجل تسريع التطبيع مع الكيان.
الدور المطلوب: أمام هذه المخاطر التي تهدد حقوق ومصالح وأهداف الشعب الفلسطيني وهويته ومصيره ومقاومته، وتهدد الإقليم وأبرز دوله العربية، لا بد من الآتي:
1- الوعي بأهداف إدارة ترامب وتماشيها مع أهداف حكومة الاحتلال.
2- ضرورة إدراك السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية لهذه الأهداف والمخاطر.
3- توحيد الموقف الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية ودعم المقاومة والصمود الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها.
4- تفعيل المقاومة بكل أشكالها خاصة في الضفة الغربية والقدس.
5- تفعيل دور المجتمع الفلسطيني خارج فلسطين، عبر العمل السياسي والمقاومة والأداء الإعلامي والشعبي.
6- تحذير المجتمعات العربية وتلك التي تستضيف اللاجئين من مخاطر تصفية الأونروا.
7- العمل على التواصل مع أهم الدول العربية لإظهار مخاطر خطة ترامب – نتنياهو على أمن الدل العربية واستقرارها ومصالحها ومستقبلها، خاصة مصر والأردن والسعودية ولبنان.
وأخيراً، يجب العمل على دعم صمود ومقاومة قطاع غزة، باعتباره جبهة المواجهة الأولى من أجل إفشال العدوان الإسرائيلي.
إن تغير السلوك تجاه دعم غزة والمقاومة فيه هو اليوم واجب سياسي وأخلاقي، وهو عمل استراتيجي حصري، من أجل إفشال كل خطط وبرامج نتنياهو – ترامب.
التقصير في دعم غزة يجب أن ينتهي ويتحول إلى أولوية استراتيجية، وإلا.. على القضية الفلسطينية السلام.