قصة القردة والخنازير
كاتب المقال : عبد الرحمن نجم

في وقتٍ ما مِنَ القرنِ التاسعِ عشر، طَرَدَتْ مَزَارعُ حيوانٍ متجاورةٌ الخنازيرَ والقِرَدة منها؛ بسبب نَشْرِها القذارةَ بين الحيوانات، واتصفها بالجشع الشديد، وتحريضها الحيوانات على بعضها للاقتتال فيما بينها.
يَمَّمَ قطيع الخنازير الذي تعوَّدَ الطرد من المَزَارع وَجْهَهُ نحو مزرعةٍ بعيدة، لا تُشبه أيَّ مزرعةٍ عرفوها، وتَوَسَّلوا بدموع التماسيح أهلَ المزرعةِ السماحَ لهم بالعيش فيها، رَقَّ أهلُ المزرعةِ لحالِ المَطَاريدِ، فرَحَّبَوا بهم، وقَاسَموهم المزرعة رغم خُلُوِّها من أيِّ خنزير.
وشيئًا فشيئًا بدأ المَطاريد يطمعون في الاستحواذ على تلك المزرعة الجميلة؛ فرَوَّجوا أنَّ أجدادهم الخنازير عاشوا في هذه المزرعة منذ آلاف السنين! وأن هذا يعطيهم حقًّا تاريخيًّا في امتلاك المزرعة!
قابل أهل المزرعة هذا الادعاء باستغراب؛ لأنهم وُلدوا في هذه الأرض، ولم يأتوا إليها كغرباء أو مطاريد! لكنَّ الخنازير والقِرَدة واصلت الدعايةَ الكاذبةَ، فعقدت مؤتمرًا بالتواطؤ مع زعماءِ المَزَارع الغربية عام 1917 م، والذين وَعَدَوا فيه بمَنْحَ الخنازير تلك المزرعة “وطنًا خِنْزيريًا” لهم؛ مقابلَ ألَّا تعود تلك الخنازير إلى المَزَارع الغربية التي طُردوا منها، وأن ترعى تلك الخنازير مصالح زعماء المزارع في تلك المزرعة.
ورغم انتفاضة أهل المزرعة على هذا الوعد المشؤوم، فإن الخنازير والقِرَدة أعلنتْ رسميًّا إقامةَ مَزرعتِها عام 1948 بعد أن ارتكبتْ مجازر مُرَوِّعة وإبادة جماعية بحق أهل المزرعة المستضيفين لهم، وسجنت بعضهم، وهَجَّرت بعضهم الآخر، ثم أشاعت إعلاميًّا بين المَزَارع في العالم أن النازحين قسرًا عن المزرعة باعوهم أرضهم، وغادروها طواعية بإرادتهم.