صحراء لوط الإيرانية ومصير كارتر يلاحق نتنياهو وطياريه
كاتب المقال : حازم عياد
سراب صحراء لوط يلاحق نتنياهو بعد نشر موقع صحيفة ميدل إيست انسبكتور “Middle East Spectator” الإيراني على قناته في “تليغرام” وثيقتين أمريكيتين تناقشان التدريبات والاستعدادات الاسرائيلية للهجوم على ايران، وهما وثيقتان لا يعلم إن كان لهما ثالث ورابع تحددان موعد الهجوم والاهداف التي سيهاجمها الكيان الاسرائيلي.
رغم نفي الكيان الاسرائيلي تحديده موعدا للهجوم او الاهداف في محاولة للتخفيف من أثر هذه التسريبات الاستخبارية التي طالت اعلى الهيئات الاستخبارية في اميركا وأبرزها (وكالة الاستخبارات الجغرافية الوطنية الأمريكية NGA)، فإن تصريحات الرئيس الامريكي جو بايدن التي قال فيها الجمعة الفائتة خلال لقائه المستشار الالماني اولاف شولتس في برلين بأن لديه علمًا بالاهداف والموعد المقرر للهجوم الاسرائيلي، نسفت كل ذلك وألقت به في القمامة؛ ما أثار غضبًا مضاعفًا لدى الكيان الاسرائيلي وقادته العسكريين بشكل خاص.
تضاعفت المخاوف الاسرائيلية والامريكية لاحقًا بعد ان عجزت التحقيقات عن التوصل الى مصدر التسريب والخرق، ورغم تداول بعض الاسماء التي شملت مستشارة في مكتب رئيس العمليات الخاصة في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) خلال الساعات الماضية، الا ان انه تم نفي تورطها لاحقًا في الحادثة؛ ما يعني ان إمكانية تدفق المزيد من المعلومات باتجاه طهران لا زال قائما، وإمكانية وجود مزيد من الوثائق والمعلومات بحوزة طهران مرتفع في معيار الاحتمالات والتوقعات الناجمة عن ذلك العجز والفشل في الكشف عن مصدر الخرق الأمني.
رغم المراوغات والتصريحات التي اطلقها وزير الحرب الاسرائيلي يؤاف غالانت يوم امس الاربعاء من قاعدة حتسريم الجوية التي قال فيها، مخاطبًا الطيارين في سلاح الجو: “إن العالم سيتعرف على طبيعة التدريبات التي تلقيتموها لخطة الهجوم على ايران”، والذي بات قريبًا بحسب ما تداولته وسائل الاعلام الاسرائيلية لاحقًا، تصريحات رغم أنها وقحة ومتفاخرة إلا أنها كشفت عن مقدار القلق المتولد عن التسريبات والخروقات الاستخبارية لدى قادة الجيش ولدى نتنياهو، ومدى جديتها، وخطورتها إلى درجة بلغت حد محاولة التقليل من شأنها أولًا، ثم تأجيل العمليات لاحقًا، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال مساء اليوم الخميس.
المخاوف الاسرائيلية من ان يكون مصير الهجوم الاسرائيلي الانتقامي على ايران كمصير عملية مخلب العقاب (Operation Eagle Claw) الامريكي في ابريل/ نيسان من العام 1980 التي انتهت الى الفشل بمقتل 8 جنود امريكان من القوات الخاصة المسماة (دلتا)، وسقوط طائرتين عاموديتين في صحراء لوط الإيرانية؛ إثر تعرضهما لعاصفة مباغتة في عملية كان هدفها تحرير 52 من الرهائن الامريكان في السفارة الامريكية بطهران، لينتهي بها الامر بخسارة الرئيس الامريكي جيمي كارتر الانتخابات الرئاسية لفترة ثانية امام منافسة في ذلك العام رونالد ريغان.
مصيرٌ يخشاه نتنياهو حال فشل العملية، وتحولها الى هزيمة كبرى تطيح بحكومته وإستراتيجيته في لبنان وقطاع غزة بعد ان تسقط طائراته المتطورة من طراز “أف 35″، وهي هواجس فاقمتها معلومات حول إمكانية تزويد موسكو ايران بمنظومة دفاع جوي اضافية من طراز “أس 400″، لتضاف الى المنظومات الاربع التي تمتكلها طهران مسبقا من طراز: “سام 22″ و”أس 300″ الروسيتين، و”خرداد” و”بايار 373″ إيرانية الصنع، إلى جانب الإسناد الاستخباري والإنذار المبكر الروسي بشكل يحكم على العملية بالفشل، ويحولها إلى كارثة تشبه كارثة كارتر التي أطاحت بطموحاته للفوز بحقبة رئاسية ثانية في صحراء لوط الايرانية.
ختامًا..
إن تأجيل العملية الاسرائيلية لمهاجمة ايران بات مرجحًا الى حين وضع خطة جديدة وتدريبات مناسبة، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق بفاعلية دون التعرف على مصدر التسريب، ومعالجة الخرق الأمني أولًا، وإلا فإن التدريبات ستذهب أدراج الرياح كما ذهبت سابقتها، وهو أيضًا أمر لا يمكن التغلب عليه في المدى المنظور إلا إذا قرر نتنياهو وقادة الجيش شن هجوم مباغت، مستفيدين من عملية التضليل الاعلامي الذي شاركت فيه صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية بادعائها تأجيل الهجوم؛ فالهجوم لا يمكن استبعاده لمعالجة كبريائهم المجروح، خصوصًا ان الصراع في ذروته، والادارة الامريكية في اقصى درجات ضعفها الذي أجبرها اكثر من مرة على ملاحقة الاحتلال ومواكبة مغامراته، فالوقت لا زال مبكرًا على أمريكا لتركه وحيدًا يواجه الفناء والفشل الإستراتيجي المستدام.