الأخبار

بين الجنائية الدولية ورأس الأفعى: تصحيح مسار العدالة

نوفمبر 22, 2024 11:59 ص
محمد محيسن

انتظر الفلسطينيون 76 عامًا ونيف، ليكتشف العالم الذي يسمي نفسه بالعالم الحر، أن هناك مجرمي حرب لدى الكيان الصهيوني. ولكن السؤال الأكثر إلحاحًا: هل سينتظر الفلسطينيون سبعة عقود أخرى، ليتجرأ العالم المنافق على اتخاذ موقف بحقهم؟ وكم سيقتل هؤلاء المجرمون القتلة، حتى يُعترف أن هناك شعبًا قدم عظمه ولحمه ودمه وجلده مقابل الحرية؟


سؤال قديم قِدم الحرب ذاتها، وسيبقى مطروحًا على مر التاريخ حتى آخر الحروب التي تخوضها البشرية، وهو: هل هناك أخلاق تلجم العصابات، ومن يقف خلفها ويحميها، وترسم حدودًا فاصلة بين المشروع والمحظور، وبالتالي بين المحلل والمحرم؟


أما هذا التوحش، الذي فاقم النازية في بشاعتها، فقد كان نتيجة طبيعية لفلتان هذا الكيان وداعميه من العقوبة. إنه عينة من عالم أصابه الجنون، ومن عودة التاريخ إلى أقسى مراحل الهمجية!


فلم يمضِ عام على عملية طوفان الأقصى وما تلاها من حرب على غزة، حتى اتسع العدوان الصهيوني ليشمل عدة دول في المنطقة، متجاوزًا كل الخطوط الحمراء في حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني وداعميه. لم يميز هذا العدوان بين عسكريين ومدنيين، أو بين منشآت عسكرية وقاطني الخيام العزل.


لقد خاض الفلسطينيون نماذج من الحروب، افتقرت إلى أدنى مقومات العدالة، بعد أن فقدت الإنسانية الكثير من صلاحيتها في الزمن المقلوب، حتى باتت الخطب التي أُلقيت في المحافل الدولية مجرد عناوين للتضليل، بل هي طعم يتم بواسطته اصطياد الضحية.


ولكن الفلسطينيين ليسوا أول شعوب التاريخ قرروا أن يكون رهانهم الأبدي هو الحرية أو الموت، ولذلك فهم يدفعون كل هذه الأثمان، لأنهم أعلَنوا العصيان على تعاليم جلاد يريد لجريمته أن تكتمل، لأنها بلا شهود ولأن ضحيتها صامتة. ولولا هذا الصمود، لما تجرأت المحكمة الدولية على قرارها.


لكن سيبقى القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية، باعتقال مسؤولين من العصابة الصهيونية المارقة، على أهميته، ناقصًا بل ومتناقضًا، إذا استثنى الرأس التي تقف خلف هؤلاء، ومن يمدهم بأدوات القتل والدمار، ويغطي أفعالهم وإجرامهم بغطاء قانوني.


والرأس هي الولايات المتحدة، التي جعلت من هذه العصابة كيانًا ودولة تقتل وتسجن وتعذب وتُهجر وتنفي وتُهدم البيوت، دون أن يحاسبها أحد، ودون أن يتجرأ أحد على مجرد الإشارة إليها بسوء. وبإعلامها الكاذب والمنحرف، حولت العرب والفلسطينيين إلى إرهابيين متعطشين للدماء.


فقد مكنت الولايات المتحدة هذا الكيان ومنحته قوة طائشة، وحولتها إلى آلة حرب تنتصر بقتل المدنيين، وارتكاب جرائم حرب في غزة والضفة ولبنان وسوريا، وهذا ما كان على العالم أن يدركه منذ عقود، فهي الحقيقة التي أرادوا تغطيتها.


إذا كان المجتمع الدولي صادقًا شهما، فليعلم أن رأس الأفعى شر من ذنبها. فإذا قطعت ذنبها، لم تفعل شيئًا، فتجرأ وألحق الرأس بالذنب.

مواضيع ذات صلة
الهجوم الإسرائيلي والرد التركي المتوقع
الهجوم الإسرائيلي والرد التركي المتوقع

أبريل 3, 2025 7:17 م

لم يخف الاحتلال الاسرائيلي أن تركيا هي الهدف الذي يقف خلف عدوانه يوم امس الاربعاء على مطار حماة العسكري ومطار...
ترامب رجل خطر يضع العالم على حافة الجنون والهاوية
ترامب رجل خطر يضع العالم على حافة الجنون والهاوية

أبريل 2, 2025 4:34 م

الجميع يعاني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اصطدم بالجميع وبالمقام الأول حلفاء وأصدقاء أمريكا المقربين، كندا وأوروبا، وجامل ونافق أعداء...
حماية المقاومة واجب وطني وحذار من التفريق بين الشعب والمقاومة
حماية المقاومة واجب وطني وحذار من التفريق بين الشعب والمقاومة

أبريل 2, 2025 12:52 م

في الاسابيع القليلة الماضية تصاعد الحديث عن تسليم المقاومة لسلاحها،وخروج قيادتها من قطاع غزة.وجاء ذلك مباشرة بعد وقف النار في...
سحب تعيين شرفيط واستقالة سموتريتش جزء من سيرك نتنياهو
سحب تعيين شرفيط واستقالة سموتريتش جزء من سيرك نتنياهو

أبريل 1, 2025 5:09 م

علي سعادةلا يمكن أن يكون رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بهذا الحمق والغباء، رغم عقليته الإجرامية وإتقانه فن الكذب والتدليس...
ذكرى “يوم الأرض” تأكيد على رفض التهجير
ذكرى “يوم الأرض” تأكيد على رفض التهجير

مارس 30, 2025 5:37 م

49 عاما مضت على “يوم الأرض”، وأكثر 17 شهرا على “طوفن الأقصى”، وكانت الأرض حاضرة، فهي أساس الصراع وهي نتيجته...
محاولة لفهم حالة عدنان إبراهيم
محاولة لفهم حالة عدنان إبراهيم

مارس 30, 2025 4:02 م

استمعتُ لسنوات للدكتور عدنان إبراهيم منذ ظهوره مِن على منبر أحد مساجد فيينا؛ بهدف تحليل خطابه، ودراسة مضامينه، فخلصتُ إلى...