عاصم منصور.. حين يكون قريبا من الروح من المسافة صفر

علي سعادة
قلم مدهش وحكيم بارع، يمتلك قلما عذبا وجميلا، وشخصية لطيفة وإنسانية بالمعنى الواسع للإنسان البسيط والمتواضع والذي لا يتأخر عن إغاثة الملهوف والتخفيف من معاناة المكلوم.
كتابات الدكتور عاصم منصور تتسع حتى تضيق العبارة، وحين تضيق العبارة لا يبقى أمام الكاتب سوى أن يتحايل على المعنى وأن يحفر بعمق في اللغة وأن يستنطق الكلمات.
غالبية ما يكتبه مؤلفنا له علاقة بالطب والصحة والأمراض والوقاية والصحة العامة وما إلى ذلك من شؤون الرعاية الطبية والعلاج مع بعض النكهات الاجتماعية العلمية والإنسانية.
نحن أمام شخصية يتنافس ويتعارك فيها وعليها جانبان، كل واحد منهما يريد سرقته من الأخر والاستحواذ عليه بشكل كامل، الطب والكتابة، لكنه لا ينحاز لطرف ضد الأخر، يعطي كل ذي حق حقه، فهو طبيب وإداري وقيادي بارع، وكاتب يعرف كيف ينسج مقالاته بعناية ودقة صانع بارع وحذق، تمام كأنه يجرى جراحة دقيقة وحرجة.
هو قصة نجاح شخصية ووطنية وإنسانية سخر وقته وجهوده لتحقيق رؤية مركز الحسين للسرطان في توفير الرعاية الطبية الشمولية وفقا للمعايير العالمية لعلاج مرضى السرطان في الأردن والمنطقة
وكان الدكتور منصور قد انضم إلى المركز كرئيس لقسم الأشعة التشخيصية عام 1998، حيث عمل على تطوير وتحديث مرافق القسم ورفدها بأحدث أجهزة التصوير الشعاعي ذات التقنيات العالية، ليصبح أحد أكثر أقسام التصوير الإشعاعي تقدما على مستوى المنطقة.
وفي عام 2006، شغل منصب نائب المدير العام للمركز، وفي مطلع عام 2012 قادته خبراته ودراسته وبراعته في القيادة لتولي موقع رئيس مجلس إدارة تنفيذي للبرنامج الأردني لسرطان الثدي.
ومنذ تعيينه كمدير عام لمركز الحسين للسرطان، لم يدخر جهدا من أجل تحقيق رؤية استراتيجية تهدف إلى توفير خدمات طبية ذات جودة عالية، فاحتل المركز مكانة عربية ودولية مرموقة يشار إليها بالبنان والبيان من حيث الجودة والابتكار والتميز في الرعاية الصحية الشمولية والتدريب والتعليم والأبحاث إلى جانب تطوير الرعاية التمريضية .
الدكتور منصور حاصل على شهادة الاختصاص في الأشعة التشخيصية، وزمالة الاختصاص الفرعي في تشخيص أمراض الجهاز العصبي، ويحمل شهادة الطب من معهد فيتبسك الطبي، والزمالة البريطانية من الكلية الملكية للأشعة في لندن، بالإضافة إلى درجة الماجستير في الإدارة الطبية من جامعة كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة الأمريكية. كما حصل عام 2022 على لقب طبيب تنفيذي معتمد من الجمعية الأمريكية للأطباء القادة، بالإضافة إلى حصوله على شهادة الماجستير في اختصاص الصحة العامة من جامعة جون موريس في ليفربول عام 2023.
وفي الجانب الأخر من شخصيته الجميلة المحببة القريبة من قلب كل من عرفه فصاحبنا مؤلّف وكاتب حيث أثرى المكتبة العربي بكتاب “عامان من العزلة…مآلات الجائحة” الذي صدر في عام 2021.
الدكتور منصور كاتب في صحيفة الغد اليومية إحدى أهم الصحف الأردنية الأكثر انتشارا، وهو أيضا مرجع ومحكم في عدد من المجلات العلمية، وشارك في تأليف أكثر من 80 ورقة علمية منشورة في العديد من المجلات المُحكمة.
كما شارك في عام 2022 بتأليف كتاب إلكتروني بالتعاون مع مجلة “أفاق طبية” العالمية بعنوان “أخلاقيات العلوم الطبية والحيوية خلال جائحة كورونا”. وهو يشغل حاليا منصب عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان ، وهو مفوّض من لجنة “ذا لانسيت” المعنية بنشر أبحاث السرطان والأنظمة الطبية.
في هذا الكتاب ” السرطان من المسافة صفر: عندما تخون الخلايا” الذي يعتبر نتاجه الرابع يواصل الدكتور عاصم منصور توعيتنا وتنويرنا حول كل ما يجري في محيطنا من قضايا صحية طبية وإنسانية واجتماعية بلغة رشيقة عذبة تمس القلب والعقل بكل شفافية، كتابة عميقة كلها شغف من نمط السهل الممتنع، الذي يصل إلى الناس بسهولة لكن قلة منهم قادرين على الكلام بهذه البلاغة.