هل تشعل الخروقات الإسرائيلية الجبهة اللبنانية مجددا؟
السبيل – خاص
شهد جنوب لبنان توتراً خلال الأيام الأخيرة، نتيجة الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار، الأمر الذي دفع “حزب الله” إلى تنفيذ عملية قصف لمعسكر إسرائيلي في منطقة كفرشوبا المحتلة.
وقال الحزب في بيان الإثنين، إنه نفذ “ردا دفاعيا أوليا تحذيريا، مستهدفا موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة”.
وفي ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية والردود التحذيرية من جانب حزب الله؛ تتباين الخيارات المطروحة بين تصعيد محدود يهدف إلى تثبيت قواعد الاشتباك، أو تصعيد شامل قد يخرج عن السيطرة، ما يضع المنطقة أمام مرحلة حساسة تفرض تحديات جديدة على الأطراف المعنية.
بحسب مراقبين؛ يبدو أن التصعيد المحدود والمدروس هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، حيث يستهدف حزب الله تثبيت قواعد الاشتباك عبر عمليات محدودة النطاق، كتلك التي نفذها اليوم الإثنين ضد معسكر رويسات العلم.
وفي المقابل؛ قد تكتفي “إسرائيل” بردود دقيقة لتجنب تصعيد أوسع. ومع ذلك؛ يبقى احتمال التصعيد الشامل قائماً، خاصة إذا تصاعدت الهجمات المتبادلة إلى مستويات تتطلب ردوداً أكثر حدة.
على الجانب الآخر؛ يمكن احتواء الموقف من خلال تدخلات دبلوماسية تقودها الأمم المتحدة أو أطراف دولية مؤثرة، بهدف منع تفاقم التوترات وتحجيم الآثار السلبية لأي مواجهة قد تمتد إلى ساحات إقليمية أخرى.
نتائج محتملة
يحمل كل خيار تصعيدي في طياته تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الأطراف المعنية وعلى المنطقة بأكملها.
وفي حالة التصعيد المحدود؛ قد تقتصر الآثار على استنزاف عسكري محدود وتثبيت قواعد الاشتباك القائمة.
أما في حال انزلاق الأمور نحو مواجهة شاملة؛ فإن المنطقة ستواجه دماراً واسع النطاق، سواء على المستوى العسكري أو البنى التحتية.
بالإضافة إلى ذلك؛ قد تؤدي مواجهة واسعة إلى تهديد مباشر للمناطق الشمالية الإسرائيلية بالصواريخ، مما سيزيد من تعقيد الوضع الداخلي في “إسرائيل”.
كما أن أي تصعيد واسع قد يفتح المجال أمام تدخلات إقليمية ودولية، مما يفاقم التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ما من شأنه أن يوسع نطاق الحرب.
عوامل مؤثرة
لا يمكن فهم احتمالات التصعيد دون النظر إلى السياقات الإقليمية والمحلية التي تؤثر بشكل مباشر على خيارات الطرفين.
إقليمياً؛ يرتبط التوتر في لبنان بما يجري على ساحات أخرى، مثل قطاع غزة، والضغوط الأمريكية على إيران، الحليف الأساسي لحزب الله.
أما داخلياً؛ فالأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان تشكل عاملاً ضاغطاً على حزب الله، مما قد يدفعه إلى تفادي مواجهة شاملة تزيد من معاناة الشعب اللبناني.
من ناحية الاحتلال الإسرائيلي؛ تتأثر قرارات التصعيد بالوضع الداخلي المضطرب، حيث يمكن للحكومة استخدام أي تصعيد كوسيلة لتحويل الأنظار عن الأزمات الداخلية والاحتجاجات ضد سياساتها.
لكن في الوقت نفسه؛ فإن الخسائر الكبيرة التي تعرض لها الاحتلال خلال الحرب الأخيرة، سواء على صعيد العسكريين أو البنية التحتية، قد تجعل من أي مواجهة جديدة عبئاً كبيراً، خاصة مع احتمال تهجير الآلاف من المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة نتيجة تهديدات صواريخ حزب الله، مما سيضعف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ويزيد من الضغط على القيادة السياسية.
خلاصة الأمر؛ يمثل التوتر الحالي بين حزب الله و”إسرائيل” اختباراً جديداً لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير، وبينما تبدو احتمالات التصعيد الشامل أقل ترجيحاً في الوقت الراهن بحسب مراقبين؛ يظل الوضع هشاً وقابلاً للتطور بشكل مفاجئ، خاصة في ظل الضغوط الداخلية والإقليمية على كلا الطرفين.
