أم غزاوية ترثي ولدها برسالة مؤثرة
كتبت أم فلسطينية من غزة رثاءً لولدها الذي استشهد خلال الحرب؛ حظي بتداول واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت السيدة وردة في منشورها على فيسبوك:
في مثل هذا اليوم الأول من ديسمبر أنجبت حبيبي عبد الله، شهر ديسمبر الذي كان أحب الشهور إلى قلبي .. وعيت على هذه الحياة وعبد الله معيكبرت في هذه الدنيا وعرفتها وهو برفقتي إلى أن استُشهد في ذات الشهر ليغدو أوجع الشهور إلى روحي !
كنت أقول (عبد الله مش بس ابني .. عبد الله رفيقي في الحياة وصديقي .. انا وعيت على الدنيا كان عبد الله موجود ) ليختبرني الله عز وجل بفراقه .. وأشهد الله أنني رضيت فله الحمد والمنة
عبد الله الشاب اللطيف الخلوق التقي الورع الحائز للسند المتصل عن رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه
عبد الله المحب للمساجد ، المقيم للصلاة ، التالي للقرآن الكريم ، الصدوق الأمين ، المحب للشهادة والشهداء ..
عبد الله المحب للرباط في سبيل الله .. كنت أعلم أنه يتوق للشهادة ويهيئ نفسه لها لكنني لم أهيئ نفسي أبدا لفراقه !
كان شهيدًا يمشي على الارض .. بأخلاقه و أدبه وتدينه و تقواه و تلاوته -وكم يوجعني أن أقول كان-
لا نزكيه على الله عز وجل ..
وما ضره والله أن يجهله الكون كله مادام معروف عند ربه ، وحده يعلم صنيعه وفعاله
هو الفتى المخلص الوفي الذي كان يخشى الرياء ويأبى أن يعرف أحد بذله وجهده ..
لم تكن لعبد الله أي أطماع دنيوية .. ولم يسع أبدا لشيء يخص الحياة ..كان سعيه كله لله .. و كان كل همه الآخرة
زاهدًا بالحياة زهد الصالحين .. يذكرنا بعهد الصحابة رضوان الله عليهم ، ينصحنا دوما أن نزهد بقوله (هذه الحياة ستزول .. الدنيا كلها رايحة)
حبيبي عبد الله قبل افتراقنا بأيام أخذ يوصيني :
“أنا علية دين للجامعة كذا ، وعلية دين للمحل كذا ..”
وكلما حاول أن يكمل أقطع حديثه بقوة لأنني لم أكن مستعدة ولم أتقبل أن يحادثني حديث مودّع !
أيقنت دومًا أنه ليس من أهل الدنيا وكنت أقولها في حياته وهو ما زال الحي فينا ..
لم أرتو من حضوره في الأيام الأخيرة .. فرقتنا الحرب ، ولو علمت برحيله لوضعته في قلبي ثم أغلقت عليه !
لقد عشت عمري وأنا أشعر أن الفراق موجع والفقد مؤلم وأكتب عن هذا الفقد ولكنني لم أعرف أنني سأعيش شعور الفقد مع حبيبي عبد الله
رضي الله عنك يا حبيبي وهبتني لقب أم لأول مرة
و وهبتني لقب أم الشهيد !
لا نزكيك على الله يا حبيبي هو أعلم بك
هو أعلم بصدقك وإخلاصك
هو أعلم كيف كنت تعمل بالسر وتكره الظهور وتجاهد بكل ما تملك
رضي الله عنك وأرضاك وبلغك ما كنت تتمنى
وجعلك ذخرا لنا يوم القيامة
وجمعني بك في جنات الفردوس عاجلا غير آجل