تقييم نتائج الحرب
كاتب المقال : مهند أبو فلاح
إيجاد معايير موضوعية محددة لتقييم الحرب الطاحنة التي دارت على الجبهة اللبنانية منذ الثامن من تشرين اول / اكتوبر من العام الماضي حتى فجر هذا اليوم السابع والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر من العام 2024 ميلادي يعد مهمة شاقةً وعسيرة خاصةً في ظل هذا الظرف المشحون عاطفيا واستمرار العدوان الصهيوني على جماهير شعبنا في قطاع غزة الصامد المجاهد .
بادئ ذي بدء لا بد من الاعتراف أن جبهة لبنان و حتى منتصف شهر أيلول / سبتمبر الماضي كان ينظر إليها من قبل العديد من المحللين والمراقبين في الشرق الأوسط باعتبارها جبهة إسناد ثانوية للمقاومة في قطاع غزة، محكومة بقواعد اشتباك ضمن سقوف محددة، لكن هجوم البيجرات الذي شنه العدو الصهيوني -إن جاز التعبير- ضد كوادر حزب الله واغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله والعديد من قيادات هذا الحزب أحدث تغييرا جذريا في نظرة هؤلاء إلى طبيعة الصراع المسلح على الجبهة اللبنانية .
التغيير في النظرة جاء كثمرة لمسعى حكام تل أبيب في كسر العامود الفقري لحزب الله بكافة الوسائل والسبل هذا من جهة، ومن جهة أخرى لتصعيد الحزب مقاومته وقصفه الصاروخي وغاراته عبر المسيرات الانقضاضية على المستوطنات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة على نحو أجبر أعدادا كبيرة من سكانها على مغادرتها .
على أية حال يبدو من السابق لأوانه تقييم حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بكلا الطرفين بعيد ساعات قليلة من سريان وقف إطلاق النار، إلا أنه من المؤكد أن كلاهما سعى جاهدا لتكبيد الطرف الآخر اكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية؛ لإحداث تغذية راجعة تفضي إلى منع استئناف القتال في القريب العاجل، رغم هشاشة هذه الهدنة التي ظهر جليا أنها قد قامت على أسس أملتها توازنات القوى المرحلية الآنية الظرفية، واعتبارات داخلية لدى حزب الله والكيان الصهيوني على حدٍ سواء، وهذه بدورها قابلة للتغيير في أية لحظة؛ مما يعني بالضرورة استئنافا للقتال على نسقٍ أعنف وأشد ضراوةً بكثير مما رأيناه على مدار أكثر من عام على هذه الجبهة الملتهبة المشتعلة .