“مع غزة ضد المقاومة”!!.. معادلة لم تعد تعمل
كاتب المقال : عبد الله المجالي
نعيش اليوم الثلث الأخير من الشهر الثالث عشر لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان على قطاع غزة.
في تلك الشهور جرت مياه كثيرة في أقنية مواقف الأطراف كافة، خصوصا الأطراف العربية الرسمية.
يكشف الصحفي الأمريكي الشهير بوب ودورد، الذي حصل على تفاصيل لقاءات بلينكن مع عدد من زعماء المنطقة أنهم أسروا له بأنهم حذروا الكيان من حركة حماس وأنها فرع من جماعة الإخوان المسلمين، كما أسروا له أنهم لا يمانعون من القضاء على حماس، بل إن بعضهم تطوع وزود بلينكن بمعلومات عن قدرات حماس وأنفاقها، على حد قول ودورد.
في الواقع لم يوجد نظام عربي دعم حركة حماس، بل لم يبق نظام عربي لم يدن عملية “طوفان الأقصى”، ولا يوجد نظام عربي ذو تأثير بالإقليم يعترف بحماس، بل إن البعض يصنف الحركة إرهابية سواء علنًا أم ضمنًا.
وبالتالي فإن إعلان الكيان أن هدفه الرئيسي هو القضاء التام على حركة حماس وقدراتها العسكرية والتنظيمية والسياسية، يلقى هوى عربيا رسميا.
كان يمكن لهذه الخديعة أن تمر لمدة شهر أو شهرين، لكن بعد ذلك كان من الحمق أو السذاجة أن يعتقد أحد أن الكيان ما زال يعمل على تصفية حماس فقط، فقد بدأت حرب الإبادة، وبدأت ملامح المرحلة تتضح؛ إنها باختصار قتل أكبر عدد من أهالي قطاع غزة، وتدمير كل مقومات الحياة، وإحكام الحصار؛ لتهجير من نجا من القتل أو الردم.
تبين لاحقا أن توصيف حركة حماس لدى الكيان ينطبق على كل فلسطيني في قطاع غزة، حتى أولئك الأجنة في بطون أمهاتهم، وعليه فقد بدأت آلة الحرب الرهيبة التي يمتلكها الكيان بالعمل ليلا نهارا دون كلل أو ملل وبدعم لا محدود من واشنطن، وبدأت تحصد الفلسطينيين في غزة دون تمييز بحجة أنهم أعضاء في حماس.
ومع ذلك لم تتغير النظرة العربية كثيرا، وظلت تنظر إلى العدوان على قطاع غزة من منظار القضاء على حركة حماس، لكن هذه النظرة، للأسف، ساهمت بشكل أو بآخر، بتكثيف آلة الحرب وإمعانها بارتكاب مذابح ومجازر في كل يوم بل في كل ساعة.
بعد اجتياح رفح واحتلال محور فيلادلفيا قبل أكثر من خمسة أشهر، أصبح واضحا أن معادلة “مع غزة ضد المقاومة” لم يعد لها أي قيمة، بل إن استمرار البعض بتبنيها يعني أنها قد تكون شريكة شراكة كاملة في جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان في غزة.
ما جرى في غزة يعاد تكراره في لبنان، فذات الأطراف تعمل على ذات المعادلة: “مع لبنان ضد حزب الله”، فمتى سيكتشفون أنهم أيضا قد ولغوا في دماء لبنان كما ولغوا في دماء غزة؛ فقط لأن تقديراتهم خاطئة، وأنهم وضعوا ثقتهم في الكيان.