الأخبار

وقف إطلاق النار يعيد طرح السلاح الفلسطيني في لبنان

ديسمبر 4, 2024 2:02 م
أحمد الحاج علي

يعود السلاح الفلسطيني في لبنان إلى واجهة النقاشات مجدداً بعد إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني. صحيح أنه ليست المرة الأولى التي يوضع موضوع السلاح على الطاولة، فقد سبق أن وُضع مراراً منذ تشريعه عام 1969 بما عُرف باتفاقية القاهرة، لكن هذه المرة تبدو المرة الأكثر جدية، والظروف مختلفة تماماً عن المراحل السابقة.
ذُكر هذا السلاح بصورة مواربة في عدد من القرارات الدولية منها القرار 1559 عام 2004، والقرار 1701 عام 2006، لكن الاتفاق الأخير يجعل القرار 1701 أكثر جدية، تساعده الظروف الإقليمية المحيطة، لذلك جرى تسميته “القرار 1701 بلس بلس”؛ أي إن الأدوات الرقابية المرفقة به، والمساعدة في تطبيقه، أضافت إليه الكثير، بما يجعله قراراً يكاد يكون ملزماً للحكومة اللبنانية في سعيها لتجريد الفلسطينيين من السلاح.
في المرحلة التي تلت اجتياح عام 1982، لم يعد الاحتلال الإسرائيلي يعتبر السلاح الفلسطيني ذا أولوية بالنسبة إليه، وهو بمعظمه سلاح فردي لا يغيّر الكثير في المعادلة. لكن في السنوات الأخيرة برزت عدة اعتبارات، غيرت الكثير من هذا المفهوم؛ أولها: أن الاحتلال اتهم مراراً في السنوات الأخيرة الفلسطينيين في لبنان بتهريب السلاح إلى الضفة الغربية بصورة منتظمة، بل مشاركتهم في التخطيط لعدد من العمليات هناك، ووزّع إحداثيات لمقرات فلسطينية قال إنها تُستخدم من قبل فصائل فلسطينية تساند الضفة، وصار يشير إلى شخصيات بعينها مساهِمة في هذا الجهد العسكري.
ثم راح الاحتلال ينفّذ اغتيالات طالت عدداً من الكوادر الفلسطينية في لبنان بذريعة مساندتها للداخل الفلسطيني. وخلال العدوان الأخير على لبنان، اغتال الاحتلال عدداً من الكوادر والعناصر الفلسطينية، واتهمها بدعم العمليات الفدائية في فلسطين المحتلة. واللافت أن الذين استُهدفوا يتوزعون على فصائل متنوعة ما بين حماس وفتح وشعبية وجهاد، يُضاف إلى ذلك أنه خلال السنوات الأخيرة انطلقت عمليات فلسطينية عبر الحدود مع لبنان، وأُطلقت صواريخ من جنوبه، وقال الاحتلال إن مطلقيها ينتمون لفصائل فلسطينية. لذلك فإن السلاح الفلسطيني في لبنان أصبح أولوية للاحتلال، ولم يعد هامشاً في المخيمات، ويمكن التعايش مع وجوده.
اعتبار آخر قد يدفع باتجاه طرح السلاح الفلسطيني في لبنان، هو تراجع الحماية الإقليمية له مع شبه غياب للدور السوري الداعم تاريخياً لهذا السلاح، لأسباب عديدة، منها حاجته إلى ورقة ضغط في علاقاته الدولية، واعتبار هذا السلاح جزءاً من أدوات إدارته للملف اللبناني.
السلاح الفلسطيني في لبنان لم يكن بيوم معزولاً عن التجاذبات الداخلية اللبنانية، وهو دائماً بحاجة لغطاء داخلي، تنقلت تسمياته منذ عام 1969. وما بعد عام 2005، عام انسحاب الجيش السوري من لبنان، صار حزب الله هو عنوان الغطاء الداخلي لهذا السلاح، لكن مع الاتفاق الاخير بين لبنان والكيان الصهيوني يُتوقع أن يتراجع دور حزب الله داخلياً، ليصبح حزباً متساوياً في السياسة مع بقية الأحزاب، ويفقد قدرته على اتخاذ القرارات المنفردة في قضايا كبيرة مثل السلاح الفلسطيني في لبنان، وهو ما سيشجع قوى لبنانية على المطالبة بإسقاط الحصانة المحلية عن هذا السلاح، وتسليمه للسلطات اللبنانية.
لا يمكن الجزم بنتيجة المسار الذي سيسلكه النقاش حول السلاح الفلسطيني في لبنان، لكن يمكن القول إن هذا المسار قد انطلق، وهو يسير على وقع الأحداث الإقليمية، والتوازنات المحلية، والمطلوب حوار لبناني فلسطيني، يناقش السلاح والحقوق، ليكون الحل فلسطينياً لبنانياً واعياً بمصالح الطرفين، وليس حلاً دولياً يولّد الأزمات.

مواضيع ذات صلة
الفوضى في سوريا ستفتح باب جهنم ودرعا أنموذج!
الفوضى في سوريا ستفتح باب جهنم ودرعا أنموذج!

يناير 12, 2025 3:55 م

جنوب سوريا أقرب إلينا في الأردن مما نتوقع فأي انتكاسة في المسار الذي تسير عليه الدولة السورية حاليا بعد سقوط...
هل حرائق أمريكا عقاب وهل تقارن بغزة؟!
هل حرائق أمريكا عقاب وهل تقارن بغزة؟!

يناير 11, 2025 6:33 م

لا أعرف إلى ماذا يستند الذي يتحدثون عما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية من حرائق، ما هي الآية في القرآن...
عدوان ثلاثي على اليمن
عدوان ثلاثي على اليمن

يناير 11, 2025 4:24 م

يصر التحالف الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة على تجاهل السبب الحقيقي للتوتر الذي يشوب البحر الأحمر منذ أكثر من عام،...
رسالة حزب الله في جلسة التصويت الأولى على الرئيس
رسالة حزب الله في جلسة التصويت الأولى على الرئيس

يناير 9, 2025 7:16 م

كان متوقعا منذ انسحاب سليمان فرنجية من الترشح لموقع رئيس لبنان بأن قائد الجيش جوزيف عون سيكون هو الرئيس اللبناني...
حلم “مملكة إسرائيل”
حلم “مملكة إسرائيل”

يناير 9, 2025 2:53 م

يبدو أن بعض الصهاينة يعتقدون أنهم باتوا اليوم أقرب ما يكون من حلمهم بدولة “إسرائيل الكبرى”، وذلك برغم قلق كثير...
ماذا جرى في أنقرة.. هل الدولة الأردنية كتومة حقاً؟
ماذا جرى في أنقرة.. هل الدولة الأردنية كتومة حقاً؟

يناير 8, 2025 3:36 م

يشتكي عدد من الكتاب والصحفيين من غياب المعلومة الرسمية حول بعض الأخبار واللقاء ت الرسمية التي يشارك بها الأردن وتتعلق...