كيف تمكنت المعارضة السورية من تحقيق انتصارات كبيرة في بضعة أيام؟

السبيل- خاص

حققت المعارضة السورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” انتصارات ميدانية كبيرة خلال بضعة أيام فقط، مكّنتها من السيطرة التامة على مدينة حلب، وأجزاء من ريفها الجنوبي، وإطباق سيطرتها على محافظة إدلب.

وفي غضون ساعات من إطلاق معركة “ردع العدوان”، تمكنت المعارضة السورية من السيطرة على ريف حلب الجنوبي، قبل أن تدخل بالفعل محافظة حلب ومركزها، وترفع علمها فوق الميادين الرئيسية، وقلعة حلب الشهيرة.

وكان لافتا عدم وجود أي مقاومة تذكر من الجيش السوري الذي بدأ بالتصدي الفعلي لتقدم المعارضة في اليوم الثالث من المعركة، ومنع قوات المعارضة من التقدم نحو محافظة حماة غربا.

وبحسب الإدارة العسكرية لفصائل المعارضة، فإن مساحة ما تمت السيطرة عليه في هذه العملية بلغ 730 كم مربع.

وأكد الجيش السوري جهوزية عناصره لمنع فصائل المعارضة من تحقيق مزيد من التقدم، كما توعد باستعادة المناطق التي خسرها خلال الأيام الماضية.

وعصر السبت، دخلت روسيا على خط المواجهة بشكل محدود، إذ أعلنت أنها قصفت تجمعات للمعارضة وسط مدينة حلب.

تحول غير مسبوق
الباحث والمحلل السوري فراس فحام، قال إن ما جرى هو “أمر غير مسبوق”، حيث إن السيطرة على قلب مدينة حلب لم يحدث من قبل طيلة 13 عاما من الحرب.

وأشار إلى أن سيطرة فصائل المعارضة ليست عادية، إذ تعني أن ثاني أكبر محافظات سورية، والعاصمة الاقتصادية للبلاد باتت خارجة عن سيطرة النظام.

ولفت فحام في حديث لـ”السبيل” إلى أن المعارضة قد تتجه أيضا إلى مناطق ريف حلف المتاخمة للحدود مع تركيا، لإكمال سيطرتها على المحافظة، وخوض اشتباكات مباشرة مع حزب العمال الكردستاني.

وقال إن المعارضة حرصت خلال توغلها في حلب، العمل بشكل مواز في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، حيث سيطرت على سراقب، ومعرة النعمان، وقطعت طريق الـ”إم فايف”.

اتهامات لروسيا
فتحت سيطرة المعارضة على حلب بشكل سريع باباً للتساؤلات حول عدم قدرة الجيش السوري على المواجهة، كما ساق مسؤولون غربيون اتهامات لروسيا بعدم توفير الغطاء الجوي للجيش.

وقال ريتشارد جرينيل الذي شغل منصب القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية في إدارة دونالد ترامب الأولى، إن إن روسيا “تسمح للمتمردين السوريين بالإطاحة” بالرئيس بشار الأسد، وذلك في منشور عبر “إكس”.

في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية أنها تواصل عملها المعتاد في قصف تجمعات المعارضة السورية المسلحة، في إطار شراكتها الأمنية والدفاعية مع دمشق.

ضعف داخلي
في المقابل، ذكرت بعض التحليلات أن الحرب على قطاع غزة، ومشاركة حزب الله بها كجبهة إسناد، أضعفت الحزب ومن خلفه إيران، والطرفان كانا مساندين للجيش السوري في معاركه ضد المعارضة خلال السنوات الماضية.

وكتبت ليز سلاي المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، ومراسلة “واشنطن بوست” سابقا، إن ما جرى من تقدم “مذهل” للمعارضة، ” يوضح إلى أي مدى كان نظام الأسد يعتمد على حزب الله وإيران من أجل بقائه”.
وقالت لينا الخطيب الباحثة في مركز “تشاتام هاوس” البريطاني للأبحاث: “إن الجمع بين الاعتماد المطلق على إيران الضعيفة، والفساد المستشري داخل صفوف الجيش السوري، يعني أن قدرة الجيش السوري على الاحتفاظ بالأرض ضئيلة للغاية”.

وقالت الخطيب إن الحكومة السورية ظنّت أن انتصارها على المعارضة قبل سنوات هو نصر نهائي، ولم تقم بترميم بيتها الداخلي.

المواقف الدولية
تباينت المواقف الدولية والعربية تحديدا إزاء ما يجري في شمال سوريا، إذ أعربت دول عن دعمها النظام السوري على غرار الإمارات، وإيران، والعراق، ولبنان.

في حين طالبت دول وفي مقدمتها الأردن بضرورة تعزيز الجهود الخاصة بإنهاء الأزمة السورية، والعمل على حل كل تبعاتها بما يضمن وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها ويعيد لها الأمن والأمان وتهيئ الظروف للعودة الطوعية للاجئين.

وقال وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، خلال اجتماع مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسون، إن “حل أزمة اللاجئين يكمن في عودتهم مرة أخري إلى سوريا الأمر الذي يتطلب جهداً دولياً حقيقياً لحل الأزمة السورية”.

بدوره، ذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، شون سافيت، إن الولايات المتحدة تتابع من كثب التطورات في حلب شمال سوريا، وتجري اتصالات مع حكومات دول المنطقة.

وأشار سافيت إلى أن انهيار خطوط النظام في شمال غربي سوريا والاشتباكات في حلب تعود لرفض رئيس النظام بشار الأسد المشاركة في العملية السياسية وثقته بروسيا وإيران.

وأجرى وزير خارجية تركيا هاكان فيدان اتصالات مع نظرائه اللبناني، والروسي، والقطري، لبحث تطورات المعارك شمال سوريا.

وكانت تركيا نفت أن تكون تقف خلف عملية “ردع العدوان”، في حين اتهمتها وسائل إعلام سورية بالتخطيط للعملية، وتمويل الفصائل المشاركة فيها.