ملعب اليرموك في غزة.. من مدرجات لعشاق الكرة إلى مأوىً للنازحين
لازالت تسمع في الخلفية صافرات الحكم ومساعديه على الجانبين، فيما تقطعها هتافات الجماهير المتحمسة لمجريات مباريات كانت تنظم على هذه المساحة قبل 13 شهرًا فقط.
ملعب اليرموك في قطاع غزة المعشب وبأنواره الساطعة المثبتة على أركان الاستاد الشهير في غزة؛ فقد اخضراره ذاك وتحول إلى البياض حال النظر إلى ساحته من مدرجاته الإسمنتية.
هذا الملعب كان أول المستقبلين للنازحين الذين أجبروا على ترك منازلهم في شمال قطاع غزة جراء العدوان الذي شارف على اختتام 400 يومٍ من حربٍ إسرائيلية لا هوادة فيها.
وقال النازح يوسف عسلية فيي تصريحات صحفية الذي نزح قسرًا من بيت لاهيا إلى ساحة الملعب: “مشينا من بيت لاهيا إلى الملعب سيرًا على الأقدام، دون اصطحاب أي مستلزمات للحياة، فلم يسمح لنا الجيش بأخذ أمتعتنا ولو فراشًا وأغطية”.
ويضيف عسلية أنه وعائلته اضطروا إلى النزوح من مدرسة كانت تأويهم بعد تدمير منزلهم في مخيم جباليا؛ واضطروا للرحيل منها نحو الملعب بعد أن أسقطت طائرة استطلاع للجيش منشورات تهددهم بضرورة مغادرة المدرسة على الفور.
ويشير إلى أنه رفض النزوح إلى مدن جنوب القطاع في أول الأمر، وذلك عندما اضطر مئات الآلاف من سكان مدينة غزة وشمالها للرحيل إلى وسط وجنوب القطاع.
ويروي النازح من على باب خيمته التي تفوح منها رائحة احتراق الحطب، تفاصيل ما لقته عائلته ساعة اتخاذ قرار التوجه إلى قلب غزة؛ قائلاً: “باغتنا أفراد نن جيش الاحتلال وفصلوا النساء عن الرجال وأخذهم إلى مكان مجهول بعد تجريدهم من ملابسهم، وأجبرنا على مغادرة بلدتنا عبر شارع صلاح الدين وصولاً إلى غزة”.
ويضيف: “ربما لم أعش نكبة الـ48، لكتي كنت أسمع أبي وجدي يروون عنها الكثير، لكن حينما أجبرت على ترك جباليا شعرت أن روحي تركت جسدي، وأدركت معنى أن تترك ديارك لأكثر من 74سنة”.
واليوم، يسكن في ملعب اليرموك الذي كان يجاوره سوق شعبي أسبوعي يدعى (الحرية)، مئات من النازحين ممن يشابهون ظروف النازح عسلية.
ولجأت العائلات إلى مخيم النزوح الذي انشئ خصيصا لنازحي الشمال في ملعب اليرموك بمدينة غزة، وذلك عقب ارتكاب الجيش الإسرائيلي أبشع المجازر وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها وعمليات النسف المستمرة.
وأسفرت العملية العسكرية على شمال القطاع عن ارتقاء ما يزيد عن 1400شهيد، ممن وصلوا إلى مستشفيات الشمال وغزة، ولا تزال عدد من الجثث ملقاه في الشوارع، وآلاف المصابين الذين لا تستطيع طواقم الدفاع المدني من الوصول إليها وذلك لمنع الاحتلال الطواقم من القيام بعملها واجبارها على مغادرة الشمال.
أمل العودة إلى أرضهم بشمال القطاع لا ينفك يغادر أفواه النازحين هنا في مخيم النزوح بملعب اليرموك، فحال المواطن أبو وائل أبو حميدان لا يختلف كثيرا عن جاره الجديد عسلية.
ويقول: عودتنا للشمال قريبة إن شاء الله، طلعنا منه غصب عنا ورح نرجع له غصبًا عنهم، وما رح ينجح مخططهم باحتلال الشمال”.
وخلال حديثه لوكالة “صفا” يصف أبو حميدان كيفية تعامل جنود الاحتلال مع الشبان الذين يتم اعتقالهم والتحقيق معهم. قائلاً: “يتم تعريتهم من كامل ثيابهم ويُجلسونهم معصوبي الأيدي والأعين مع توجيه أسئلة وتهم لا أساس لها من الصحة”.
ويتابع: “الضرب والتنكيل والتعذيب الذي يقوم به الجيش بحق أهل الشمال لا يمكن وصفها ومساءلتهم عن عدم نزوحهم جنوبًا”.
وبحلول المساء، يقترب الجيران النازحون من أي مصدر للنيران المشتعلة قرب الخيام للتسامر حول ما وصلوا إليه من حالٍ وآمالهم بالرجوع إلى ديارهم لإعمارها مجددًا.