يحيى السنوار يا نجم أكتوبر الساطع لن تغيب

ليس من السهل أن يكتب المرء عن القائد المجاهد يحيى ابراهيم حسن السنوار “أبي ابراهيم ” قائد معركة “طوفان الأقصى”، فالرجل ليس شهيدا وحسب، بل إنه قائد و مجاهد و أسير، وهو فوق ذلك يتدفق بحب الأرض التي عشقها، وترجل من أجلها .
كل كتابة عنه ستكون ناقصة، لأن قضيته لم تكتمل بعد .
هي قضية مسيرة الجهاد ضد المحتل، هي قضية الجيل الذي يكسر قيد المحتل ويصنع الانتصار؛ ذلك أن “أبا ابراهيم” لم يكن في حياته وفي التـزامه مجرد شخص اختار طريق الجهاد والنضال والمقاومة، بل كان إلى جانب ذلك نموذجـاً بارزاً لجيل فلسطيني كامل هو جيل مقاومة المحتل، ومن خلال تمثيله لهذا الجيل، ومن خلال تعبيره عنه اكتسب قيمته كمناضل ومعلم لهذا الجيل. أن يستشهد يحيى السنوار فهذا أمر طبيعي، فلقد استشهد في كل لحظة من لحظات حياته، فسيرة جهاده من أجل وطنه وشعبه وقضيته العادلة كان الاستشهاد نهايتها الطبيعية، وسيرة نضاله هي في الواقع حياته العملية كلها .
لقد طلب “أبو ابراهيم” الاستشهاد لنفسه، وعمل له، وسعى إليه، لأنه آمن به.
آمن بأن العمل لفلسطين لا حدود له، وأن فجر النصر آت لا محالة رغم الظلام الحالك الذي يلف الأمة ، وأن الدم والمشاركة في الجهاد ضد المحتل لا تكون من بعيد ، وأن هناك طريقـاً آخر غير طريق الخنوع والاستسلام ، أو القبول بالفتات أو انـتظار ما يسمح به العدو الإسرائيلي بالتـنازل عنه ألا وهو طريق الجهاد والاستشهاد .
وآمن أن مقاومة المحتل لا معنى ولا أثر لها إذا لم تتجسد بالممارسة والسلوك اليومي، وأن مقاومة المحتل لا تتحمل المواقف الوسط ، ولا المهادنة ، ولا التأجيل ، ولا الاستراحة ، وأن الكلمة الثائرة لا تعرف المواربة ، ولا الدبلوماسية ، ولا التلفيق ، ولا الاصطناع!
ترجل القائد المجاهد يحيى السنوار “أبو ابراهيم” ‏مشتبكاً مُقبلاً كأحد رجاله الميامين في الميدان.
لم يكن ينعم في الأنفاق كما قال المرجفون!!
ولم يترك أهل غزة وحدهم كما زعم المبطلون!!
هدم روايات العدو الصهيوني في حياته، ونسف روايات المنافقين باستشهاده!!
كان لا يخشى الاستشهاد في سبيل الله والوطن، فقد كان يعلم تمامـًا أن لا خيارات أمام الشعب الفلسطيني سوى الفوز بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وأدرك تمامـًا أنه “مشروع شهادة” منذ صغره، وأن درب فلسطين معبد بالدم، محفوف بالمهج والأرواح، وعلى هذا الدرب يمضي كل يوم شهيد وتتعاظم التضحيات ، وكلما سقط شهيد حمل الراية من بعده مجاهد يمضي على درب الشهادة، ففلسطين ملء القلوب ومحط السائرين إلى الحرية والاستقلال.
لقد أدرك “أبو ابراهيم” أن فلسطين طوال عهود التاريخ يحفر أبناؤها خندق التحرير بدمائهم، ويروون التراب ، ويسقون نبت الجهاد والفداء والنضال، فشلال الدم الذي يتدفق على الأرض الفلسطينية المقدسة هو الدم الطهور الذي يحفر في الأعماق خندق الإنتصار الكبير.
استشهد الفارس يحيى السنوار بعد أكثر من عام من حرب الإبادة والتطهير العرقي الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ضد شعبنا المجاهد في غزة.
استشهد ليس في عملية اغتيال بل في الخطوط الأمامية على جبهة القتال يقود رجاله في التصدي لقوات العدو، يضرب قذائف الياسين ” ١٠٥ “، ويزرع “عبوات الشواظ” في طرق دبابات العدو، وينفذ عمليات قنص لجنود العدو.
ختم القائد المجاهد يحيى السنوار حياته بخاتمة أشبه بالأسطورة!!
خاتمة عظيمة تليق بمعجزة ” طوفان الأقصى “..!!
حق القائد المجاهد البطل يحيى السنوار “أبو إبراهيم” علينا أن نغبطه شرف الاستشهاد وهو القائل:
” إن كنا نخشى الموت فنحن نخشى الموت على فراشنا كما يموت البعير، نخشى أن نموت في حوادث الطرق أو بجلطة دماغية أو بسكتة قلبية، لكننا لا نخشى أن نقتل في سبيل ديننا ووطننا ومقدساتنا، ودماؤنا وأرواحنا ليست أغلى من دماء أصغر شهيد قدم روحه”.
صدق الله فصدقه الله، فما أجملها من خاتمة، حينما يرتقي الإنسان شهيدا في سبيل الله ، مقبلا غير مدبر ، يسعى إلى رضوان الله ، لا تهمه المواقف الصعاب ولا الشدائد .
ومن لطف الله وكرمه على “أبي ابراهيم ” أن تكون خواتيمه مصداق كلماته، وأن يقطع دمه قولَ كلِّ خطيب، وأن يبعث غداً بين يديْ الله جروحاً تقطر دماً.
وبعد :
ولد يحيى السنوار في ٢٩ اكتوبر
خرج من السجن في ١٥ أكتوبر
وبدأ طوفان الأقصى في ٧ اكتوبر
واستشهد مشتبكاً في ١٦ اكتوبر
يا نجم أكتوبر الساطع لن تغيب!!