ماذا وراء الدعوات الإسرائيلية لتقسيم سوريا؟
السبيل – خاص
تتسارع الدعوات الإسرائيلية لتقسيم سوريا إلى “كانتونات” أو دويلات صغيرة بناءً على أسس عرقية وطائفية، في سياق رؤية استراتيجية ترى أن تفكيك سوريا يخدم المصالح الإسرائيلية طويلة الأمد.
ويعزز هذه الدعوات تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، كقول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو: “نمد يد السلام إلى كل من هم خارج حدودنا في سوريا، إلى الدروز والأكراد والمسيحيين”.
وقول وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر، إن “من مصلحة إسرائيل النظر إلى مستقبل سوريا كمستقبل فدرالي، حيث توجد أقليتان الأقلية الدرزية والأقلية الكردية اللتان تتمتعان بالحكم الذاتي”.
وفي هذا الإطار؛ طرح المحامي والخبير العسكري الإسرائيلي، رامي سيمني، في مقاله المنشور بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، مسوغات هذا التوجه، معتبراً أن تقسيم سوريا يمكن أن يكون وسيلة لتعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة ومواجهة التهديدات الإقليمية، لا سيما التركية والإيرانية.
ويشير المقال إلى أن سوريا الحالية، بحسب المنظور الإسرائيلي، دولة “مصطنعة” منذ تأسيسها وفق اتفاقية سان ريمو عام 1920، حيث كانت الخطة الأصلية آنذاك تقسيم البلاد إلى خمس مناطق ذات حكم ذاتي تعكس التنوع العرقي والطائفي. ومع ذلك؛ توحّدت سوريا تحت سلطة مركزية، وهو ما يراه سيمني خطأ استراتيجياً يجب تصحيحه الآن.
أهداف ودوافع
ترى “إسرائيل” في تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة خطوة استراتيجية ضرورية لتحقيق مصالحها الأمنية والجيوسياسية.
وتستند هذه الخطوة إلى استغلال الانقسامات العرقية والطائفية داخل سوريا لضمان واقع إقليمي جديد يضعف أعداءها ويعزز نفوذها. ويمكن تلخيص دوافعها وأهدافها في النقاط التالية:
1- مواجهة التوسع التركي:
تعتبر “إسرائيل” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداً كبيراً بسبب طموحاته الإقليمية، وتعتقد أن تقسيم سوريا وإنشاء دولة كردية مستقلة على حدود تركيا سيضعف نفوذه، ويحول اهتمامه نحو الداخل التركي.
2- إضعاف المحور الإيراني السوري:
يمثل المحور السوري الإيراني تهديداً مباشراً لـ”إسرائيل”، وسيضعف تفكيك سوريا قدرة إيران على استخدام الأراضي السورية كقاعدة لتهديد الاحتلال.
3- تعزيز حلفائها الإقليميين:
تنظر “إسرائيل” إلى الأكراد والدروز كشركاء استراتيجيين، ودعم استقلالهم أو حكمهم الذاتي يعزز مواقعهم، ويخلق مناطق نفوذ إسرائيلية في المنطقة.
4- خلق واقع ديموغرافي وسياسي جديد:
تفكيك الدولة السورية الموحدة واستبدالها بكيانات أصغر يسهل السيطرة عليها؛ يخدم المصالح الإسرائيلية، ويحول دون عودة سوريا كقوة مركزية قد تهدد أمن الكيان.
5- عزل تركيا وإضعافها:
إنشاء دولة كردية مستقلة يشكل تهديداً دائماً لتركيا على حدودها الجنوبية، مما يؤدي إلى إضعاف الاقتصاد التركي وزعزعة استقرار حكم أردوغان.
بهذه الأهداف؛ تسعى “إسرائيل” لإعادة تشكيل خريطة المنطقة، بما يضمن تفوقها العسكري والسياسي لعقود مقبلة.
وتحمل الدعوات الإسرائيلية لتقسيم سوريا بُعداً استراتيجياً واضحاً، فهذا التقسيم المفترض ليس فقط وسيلة لإضعاف أعدائها الإقليميين، بل هو خطوة لتحويل المنطقة إلى فسيفساء سياسية؛ تخدم المصالح الإسرائيلية، وتعزز نفوذها الإقليمي.