أسرى غزة يرحلون بصمت.. والعالم يتفرج!
السبيل – خاص
بين جدران الزنازين الباردة في السجون الإسرائيلية؛ يُنزع آخر ما تبقى للأسرى الفلسطينيين من كرامة، بينما يرحلون واحداً تلو الآخر بصمت قاتل.
أربعة أسرى من قطاع غزة ارتقوا خلال 24 ساعة، لينضموا إلى قائمة طويلة من الضحايا الذين أزهقت أرواحهم نتيجة القمع الوحشي والإهمال الطبي المتعمد.
هذه المأساة ليست جديدة، بل هي امتداد لسياسة ممنهجة تمارسها إسرائيل منذ عقود، في ظل صمت دولي وتواطؤ مكشوف.
ويقف العالم الذي يدعي احترام حقوق الإنسان، متفرجاً على جرائم ترتكب يومياً بحق الأسرى الفلسطينيين. وتُسجل الانتهاكات دون أي خطوات حقيقية لوقفها، بينما تنشغل القوى الدولية بحماية إسرائيل سياسياً ودبلوماسياً.
ووفق مراقبين؛ لا يمكن أن يفسَّر هذا الصمت إلا كجزء من التواطؤ مع الاحتلال، الذي يمنحه الضوء الأخضر للاستمرار في انتهاكاته دون رادع، وخصوصا أن القوانين الدولية التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة وتؤكد حقوق الأسرى، تُنتهك جهاراً، دون أي مساعٍ لفرض عقوبات أو إجراء تحقيقات دولية.
هجوم 7 أكتوبر.. صرخة للحرية
ويذكر هذا الحدث الجلل، بأن ما جرى في 7 أكتوبر 2023 لم يكن مجرد هجوم، بل صرخة مدوية لنصرة الأسرى الفلسطينيين وكل من يعيشون تحت القمع الإسرائيلي، حيث إن عقوداً من الانتهاكات التي تجاهلها العالم دفعت المقاومة الفلسطينية إلى إطلاق تحرك غير مسبوق.
وجاء هجوم 7 أكتوبر في سياق تراكم الظلم، حيث بقيت معاناة الأسرى جرحاً مفتوحاً لم يلتفت له العالم، الذي اكتفى بإدانة رد الفعل دون النظر إلى جذور المأساة.
ولفتت معركة “طوفان الأقصى” إلى أن الأسرى الفلسطينيين، الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي، هم جزء من قضية أكبر؛ قضية شعب يقاوم الاحتلال، بينما يعاني من حصار وظلم مستمر.
وجاءت المعركة لتذكّر العالم بأن الشعب الفلسطيني لن يرضخ، وأن المقاومة هي الخيار الوحيد أمام من تُغلق في وجههم أبواب العدالة.
تواطؤ دولي
ويجعل استمرار الدعم السياسي والعسكري غير المشروط لـ”إسرائيل” من قبل الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة، هذه الدول شريكاً في الانتهاكات بحق الفلسطينيين، إضافة إلى أن المساعدات العسكرية، والتغطية السياسية في المحافل الدولية، تمنح الاحتلال الإسرائيلي الحصانة لتنفيذ جرائمه بحق الأسرى والمدنيين.
وفي الوقت ذاته؛ تتسابق بعض الدول العربية نحو التطبيع مع الاحتلال، متجاهلةً دماء الشهداء ومعاناة الأسرى، ليضيف هذا التواطؤ العلني والمخزي طبقة أخرى من الظلم على القضية الفلسطينية، حيث تُخنق المقاومة سياسياً، في الوقت الذي يُترك فيه الأسرى وحدهم لمواجهة الموت البطيء.
واليوم، ومع تصاعد الانتهاكات؛ أصبح واضحاً أن العالم بحاجة إلى مراجعة مواقفه تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه الأسرى الذين لا يمكن أن يُتركوا ليواجهوا مصيرهم وحدهم، وعلى المنظمات الحقوقية والقوى الشعبية العالمية أن تقوم بتحرك عاجل للضغط على حكوماتها لتغيير سياساتها المنحازة للاحتلال.
يرحل أسرى غزة بصمت يثقل الضمير الإنساني، لكن دماءهم تظل شاهدة على ظلم لا يُغتفر وصمود لا ينكسر. ورغم الصمت الدولي المخزي؛ تظل القضية الفلسطينية حيّة في وجدان الشعوب الحرة، التي ترى في الأسرى رمزاً للإرادة والصمود.
إن استمرار هذا الظلم لن يطفئ جذوة النضال، بل سيشعل مزيداً من الإصرار على انتزاع الحرية والكرامة، لأن الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع.