معارضة إسرائيلية لاتفاق لبنان.. ومخاوف من “حرب رابعة”
السبيل – خاص
في خطوة مفاجئة للأوساط الإسرائيلية؛ أعلنت حكومة نتنياهو عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع جماعة “حزب الله” اللبنانية، في وقت مبكر من صباح يوم الأربعاء.
وجاء هذا الاتفاق الذي توسطت فيه كل من الولايات المتحدة وفرنسا، في أعقاب أكثر من عام من الحرب المستمرة على جبهات متعددة، كان آخرها الصراع العسكري بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
وعلى الرغم من أن الاتفاق جاء بترحيب من بعض الأوساط الدولية؛ إلا أنه أثار موجة من الغضب والاعتراض داخل الكيان الإسرائيلي، حيث اعتبره العديد من المسؤولين والمواطنين هزيمة استراتيجية.
وبدأت الانتقادات للاحتكام إلى وقف إطلاق النار منذ إعلان نتنياهو في وقت مبكر من يوم الأربعاء، ورغم أن رئيس حكومة الاحتلال أكد أن هذا الاتفاق يمثل “إنجازات غير مسبوقة” من خلال إضعاف حزب الله بشكل كبير، إلا أن الاستجابة الداخلية جاءت سلبية على نحو واسع.
فقد اعتبر العديد من السياسيين والمعارضين أن هذه الخطوة تمثل “استسلامًا” في وجه تحديات خطيرة، وتؤكد فشل الحكومة في تحقيق أهدافها المعلنة في الحرب.
بن غفير: خطأ تاريخي
ومن بين أكثر المنتقدين لهذا الاتفاق وزير ما يسمى بـ”الأمن القومي” إيتمار بن غفير، الذي وصفه بأنه “خطأ تاريخي”.
وفي منشور عبر منصات التواصل؛ انتقد بن غفير توقيع الاتفاق، مشيرًا إلى أن “الهدوء مقابل الهدوء” لا يُعد حلاً دائمًا، بل هو عودة إلى حالة عدم الاستقرار التي تؤدي إلى المزيد من المشاكل في المستقبل.
كما توقع بن غفير أن إسرائيل ستعود مجددًا للقتال مع حزب الله بعد فترة قصيرة.
لابيد: نتنياهو فشل
من جهته؛ اعتبر رئيس المعارضة وعضو الكنيست يائير لابيد، أن نتنياهو قد فشل في جلب الأمن لـ”إسرائيل”.
وأضاف أن الحكومة اليمينية لم تطرح أي مبادرة سياسية منذ عام كامل، ما جعلها مضطرة للتوصل إلى اتفاق مع حزب الله، الذي “دمر المستوطنات وأدى إلى تآكل الجيش الإسرائيلي”.
ومن وجهة نظره؛ فإن عدم وجود استراتيجية سياسية قد جعل “إسرائيل” في موقف ضعف أمام حزب الله، وكان الاتفاق نتيجة للفوضى التي خلفتها سياسة الحكومة.
استطلاع رأي: لم نحقق النصر!
وفي السياق ذاته؛ أظهر استطلاع رأي بثته القناة 13 العبرية أن أغلبية كبيرة تعتقد أن إسرائيل لم تهزم حزب الله اللبناني، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن التوصل لاتفاق بين الطرفين ينهي المواجهة المفتوحة منذ أكثر من شهرين.
ورأى 60.8% من المستطلعة آراؤهم أن “إسرائيل” لم تحقق النصر على حزب الله، فيما يعتقد 25.8% فقط أن “إسرائيل” انتصرت، و13.4% غير متأكدين.
كما أيد 44% إنهاء الحرب في لبنان فيما 37% عارضوا التسوية مع حزب الله.
مستوطنو الشمال: لا نشعر بالأمان!
وفي شمال فلسطين المحتلة عام 1948، حيث شهدت المنطقة موجات من الضربات العسكرية من قبل حزب الله على المستوطنات؛ أبدى مستوطنون استياءهم العميق من الاتفاق.
وقال العديد من المستوطنين في الشمال المحتل، في تصريحات نقلها موقع “واينت” الإسرائيلي، إنهم لا يشعرون بالأمان للعودة إلى منازلهم بعد وقف إطلاق النار، معتقدين أن الاتفاق لن يحقق الأمن الحقيقي، بل سيعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب، حيث سيواصل حزب الله تسليح نفسه في وقت لاحق، مما يهدد بشكل مستمر الأمن في المنطقة، وفق تعبيرهم.
وعززت هذا الشعور بعدم الأمان؛ تصريحات رئيس المجلس الإقليمي في منطقة مروم الجليل، عميت صوفر، الذي وصف الاتفاق بأنه “يترك الحدود الشمالية دون حماية”، محذرًا من أن حزب الله سيعود ليحشد قواته في المنطقة.
من جانبه؛ رأى رئيس بلدية مستوطنة “شلومي”، غابي نعمان، إلى أن الاتفاق سيعني مواجهة جديدة مع حزب الله في المستقبل، مشيراً إلى أن “الجولة المقبلة ستكون حتمية، سواء بعد شهر أو عشر سنوات”.
أما “شيلي” (معلمة لغة إنجليزية في مستوطنة شلومي) فاعتبرت أن وقف إطلاق النار كان “قرارًا سياسيًا غير مسؤول، ومتهورًا”.
من جهتها؛ عبرت رونا فالينسي، وهي إحدى النازحات من شمال فلسطين، عن قلقها الكبير من عودة اللبنانيين إلى القرى القريبة من المستوطنات، قائلة إنها تشعر بالخوف من أن يعيد حزب الله بناء شبكة جديدة في هذه المناطق.
وختاماً؛ يعكس الجدل حول اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، حالة من التوتر الداخلي العميق داخل الكيان، في الوقت الذي تعاني فيه حكومة نتنياهو من صعوبة في الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني.