“تفاوض تحت النيران”: ما الذي تعنيه المفاوضات في لبنان وفق المخطط الإسرائيلي؟
- ما يُروّج حول مفاوضات لوقف إطلاق النار بلبنان كذب لطمأنة الرأي العام الأمريكي وتزييف الوعي العربي
- الحديث المتزايد عن وقف إطلاق النار بلبنان هو للفت أنظار العالم عن غزة والجرائم الإسرائيلية بمخيم جباليا
- الاحتلال يسعى لخلق منطقة عازلة تحت سيطرة عسكرية إسرائيلية وإيجاد إدارة بديلة عن حماس في القطاع
- الاحتلال يريد خلق شرخ في الداخل اللبناني بتحميل الحزب مسؤولية رفض أي مقترحات تطرحها أمريكا والاحتلال
- يهدف الاحتلال من المفاوضات إلى تأليب الشبكة السياسية الداخلية من السنة والمسيحيين المارونيين على الحزب
- الاحتلال يبتغي ضمان إعادة ترتيب الواقع على الأرض وفق مخططات لتتسلمها وتديرها الحكومة اللبنانية
- إيكال الحزب المفاوضات إلى رئيس مجلس النواب اللبناني ذكاء لعدم تحميله أي مسؤولية لفشلها
- من نقاط ضعفه الكيان الصهيوني أنه لا يتحمل قصف العمق الإسرائيلي
السبيل- آية الجعبري
تتصاعد وتيرة الأحداث في لبنان بين حزب الله والكيان الإسرائيلي بعد قصف الأخير لوسط بيروت، وتكثيف هجماته على الضاحية الجنوبية، عدا عن قصف حزب الله مواقع حساسة في تل أبيب وإيقاع إصابات في الصفوف الإسرائيلية، وسط حديث متداول عن إحراز تقدم في المفاوضات التي تتبناها أمريكا لوقف إطلاق النار.
يأتي الحديث عن التقدم الإيجابي بعد نقل موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي يوم أمس الإثنين عن مسؤول لم تسمه قوله إن الكيان المحتل ولبنان توصلا إلى شروط لإنهاء الصراع، وإنه من المتوقع أن يوافق الأخير على المقترح مساء اليوم فيما أعلن مصدر رسمي لبناني عن تحضر مجلس الوزراء اللبناني لعقد جلسة حكومية غدًا لإقرار اتفاق وقف إطلاق النار.
“كلتا الإدارتين الأميركيتين -جو بايدن وترامب- يعملان بمنتهى الحرية وبدون أي ضغوطات من نتائج مترتبة على دعمهم لإسرائيل” بهذه الكلمات استهل المحلل العسكري محمد مقابلة حديثه مع “السبيل” حول تطور الأوضاع في لبنان، مؤكدًا عدم القدرة على قراءة المشهد بعيدًا عن تطورات المشهد الأميركي مع عودة دونالد ترامب للرئاسة من جديد والذي يتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بأريحية دون ضغوط من أي جهة كانت سواء من حزبه أو رغبته بتحسين الصورة للعودة إلى الرئاسة من جديد أو جو بايدن الذي ينهي رئاسته دون رغبة بالعودة للمنصب مرة أخرى.
تخدير الوعي العربي
يصف المقابلة ما يُروّج حول مفاوضات لوقف إطلاق النار في لبنان بـ “الكذب والتسويف”؛ لطمأنة الرأي العام الأميركي، وتزييف وعي المجتمع العربي، مؤكدًا عدم جدية أميركا أو الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق تطورات في المفاوضات، وإنما تحقيق ضمانات لأمن الاحتلال على حساب أي طرف آخر؛ لوقف أي تهديد محيط بالكيان سواء من غزة أو الضفة الغربية أو لبنان، عدا عن التهديد الأبعد المتمثل بإيران.
ومن هنا يقول مقابلة إن الهدف وراء الحديث المتزايد عن وقف إطلاق النار في لبنان هو لفت أنظار العالم عن قطاع غزة، والعمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال على مخيم جباليا؛ لتحقيق أهدافه المتمثلة بخلق منطقة عازلة تحت سيطرة عسكرية إسرائيلية، وإيجاد إدارة بديلة عن حركة حماس في القطاع.
التأليب على حزب الله
أما الهدف الثاني من الحديث عن المفاوضات؛ فيكمن -وفق مقابلة- بخلق شرخ في الداخل اللبناني عبر تحميل حزب الله مسؤولية رفض أي مقترحات تُطرح من قبل الإدارة الأمريكية والإسرائيلية، وبالتالي تأليب الشبكة السياسية الداخلية من أهل السنة والمسيحيين المارونيين ضد حزب الله.
ويسعى الاحتلال الإسرائيلي -وفق مقابلة- إلى إنهاء تواجد الحاضنة الشعبية لحزب الله في الجنوب اللبناني لضمان إعادة ترتيب الواقع على الأرض وفق مخططات تتسلمها وتديرها الحكومة اللبنانية. “حزب الله يعي تماما هذه النقطة فهو يتقبل المفاوضات وينظر إليها بحذر ويرد عليها بإيجابية ويريد أن يجعل الكرة في مرمى الكيان الصهيوني لأنه يعي مخططهم”.
الذكاء التفاوضي للحزب
ويعتبر مقابلة قبول حزب الله للمفاوضات وإيكالها لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ذكاء لعدم تحمله أي مسؤولية لفشل هذه المفاوضات، موضحًا أن ما يمارسه الاحتلال هذه الأيام ما هو إلا إيهام للرأي العام بوجود مفاوضات واتفاقيات وجيزة ليمارس رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعبته بأن الكيان المحتل لا يرغب باستمرار الحرب في لبنان، ولا توسيع رقعة الحرب، وأن من يتحمل مسؤولية ذلك هو حزب الله.
ويتساءل مقابلة عن إمكانية سير مفاوضات إيجابية في الأجواء بالتزامن مع قصف وتدمير واغتيال شخصيات قيادية من قبل الاحتلال الإسرائيلي على بيروت، مستهجنًا تأكيد الاحتلال جديته وسعيه لوقف الحرب في ظل تصرفاته، “المفاوضات هي غطاء لاستمرار القصف والتدمير وإتمام المخطط الصهيوني”، منبهًا على أنه ذات السيناريو الذي يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي مع حركة حماس في قطاع غزة.
“هذه المفاوضات إذا قبل بها حزب الله يعني انتهاء حزب الله من الوجود سياسيا وعسكريا” يقول مقابلة، مؤكدًا أن مقترحات التسوية التي تقدمها أميركا دائمًا ما تتضمن نقاط -تعلم أميركا مسبقًا- عدم إمكانية قبولها من حزب الله كالعودة إلى شمال الليطاني أو نزع السلاح منه لضمان فشل المفاوضات.
إن فشل الاحتلال الإسرائيلي في الاجتياح البري للبنان بالطرق التقليدية يجعله يتوجه -وفق مقابلة- إلى عمليات اختراق تمكنه من تطويق القرى الحدودية وفرض حصار عليها لعزلها عن بعضها البعض، بُغية الضغط على حزب الله، وتشتيت جهوده، بالتالي التمكن من الاجتياح البري تدريجيًا، مشيرًا إلى أن هذه الخطة تأتي كدرس استفاد منه الاحتلال الإسرائيلي من تجربه اجتياحه للبنان عام 2006، والتي فشلت في حينه، متوقعًا أن تطول الحرب على لبنان خلال الفترة القادمة.
“بعد عمليات الاختراق هذه أظن أن حزب الله يكون قد حوصر من خلال العمق اللبناني، ومن خلال اجتياح إسرائيلي تدريجي لخطوط دفاعه على الحدود اللبنانية مع الكيان الصهيوني” يقول مقابلة.
كيف سيواجه حزب الله المخططات الإسرائيلية؟
يراهن حزب الله -بحسب مقابلة- على ورقة قصف العمق الإسرائيلي للضغط على الاحتلال لوقف هذه الحرب، متوقعًا أن تشهد الأيام القادمة ضرب حزب الله أهدافًا نوعية عسكرية وسياسية إسرائيلية بصواريخ نوعية كما جرى مساء أمس، وأدى إلى سقوط قتلى إسرائيليين، “الكيان الصهيوني من نقاط ضعفه أنه لا يتحمل قصف العمق الإسرائيلي”.
وعن انعكاس التطورات في لبنان على قطاع غزة، يقول مقابلة إن الاحتلال الإسرائيلي سيكثف عملياته على وسط وجنوب القطاع من خلال إعادة ضرب المنشآت المدنية المتبقية ومدارس الإيواء ومخيمات النزوح؛ من أجل تشكيل ضغط ليس فقط على المقاومة في غزة وإنما من أجل تشكيل ضغط على الرأي العالم وبالذات أمريكا والدول العربية لإجبارها على إيجاد حل من خلال إدارة مستقلة تدير القطاع أو جنوب القطاع بحجة العامل الإنساني.