“الجنائية الدولية” تلاحق نتنياهو.. ماذا عن بايدن؟
السبيل – خاص
في تطور قانوني لافت، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
يأتي هذا القرار في ظل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين.
ورغم أهمية هذا القرار في الإطار القانوني الدولي؛ فإنه يسلط الضوء على ازدواجية العدالة عندما يغض المجتمع الدولي الطرف عن المسؤولين عن تمكين هذه الجرائم، وأبرزهم الرئيس الأمريكي جو بايدن. فمنذ بداية الحرب، لعبت إدارته دوراً محورياً في دعم “إسرائيل” عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، ما جعلها شريكاً في العدوان، ومرتكزاً رئيسياً لاستمرار جرائم الحرب.
لقد قدمت إدارة بايدن دعماً استثنائياً لـ”إسرائيل” على كافة الأصعدة العسكرية والمالية والسياسية واللوجستية، مما جعل واشنطن الحليف الأكثر تأثيراً في استمرار الحرب. ويمكن تفصيل هذا الدعم في الآتي:
- الدعم العسكري غير المسبوق
- شحنات الأسلحة الضخمة: منذ اليوم الأول للأحداث، سارعت إدارة بايدن إلى تزويد إسرائيل بشحنات ضخمة من الأسلحة، شملت قنابل موجهة بدقة، وأنظمة صواريخ، وذخائر متقدمة تستخدم في العمليات الهجومية التي استهدفت قطاع غزة.
- نشر حاملات الطائرات: قامت الولايات المتحدة بنشر حاملتي الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” و”يو إس إس دوايت أيزنهاور” في البحر الأبيض المتوسط، كرسالة دعم عسكري مباشر لـ”إسرائيل” وردع أي تحركات معادية لها في المنطقة.
- تعزيز قدرات القبة الحديدية: شملت المساعدات العسكرية تزويد إسرائيل بصواريخ اعتراضية لتعزيز منظومة القبة الحديدية، التي تُستخدم بكثافة لصد الهجمات الصاروخية من قطاع غزة.
2. الدعم المالي الاستثنائي
- حزمة المساعدات الطارئة، فقد قدم بايدن طلباً للكونغرس بالموافقة على حزمة مساعدات عسكرية طارئة بقيمة 14.3 مليار دولار لدعم “إسرائيل”. وشملت هذه الحزمة تمويلاً مباشراً لشراء الأسلحة وتطوير الأنظمة الدفاعية، مما ساهم في استمرار العدوان بلا توقف.
- تمويل طويل الأمد، فبالإضافة إلى المساعدات الطارئة، استمر تدفق المساعدات السنوية التقليدية، التي تُقدَّر بأكثر من 3.8 مليار دولار سنوياً، لدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي وتطوير قدراته.
3. الدعم السياسي والدبلوماسي
- الدفاع عن “إسرائيل” في المحافل الدولية، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإجهاض أي مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، أو تحقيق دولي في الانتهاكات الإسرائيلية. جاء هذا في وقت تصاعدت فيه الدعوات الدولية لإدانة الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة.
- تصريحات بايدن الداعمة، فقد أكد الرئيس الأمريكي في مناسبات متعددة على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، دون التطرق إلى الخسائر البشرية والمآسي الإنسانية التي طالت الفلسطينيين. بل تمادى في دعمه عبر تحميل الفلسطينيين المسؤولية، واعتبار أن العدوان الإسرائيلي مبرر.
4. الدعم اللوجستي والاستخباراتي
- المساعدات التقنية والاستخباراتية، حيث قدمت الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” دعماً لوجستياً واستخباراتياً مكثفاً، يشمل تزويدها بصور الأقمار الصناعية والبيانات الاستخباراتية التي تُستخدم لتحديد مواقع الاستهداف داخل غزة.
- ضمان الاستمرار اللوجستي، عبر تنسيق واشنطن مع حلفائها الدوليين والإقليميين لضمان استمرار تدفق المساعدات إلى “إسرائيل”، مع الضغط على الدول المحيطة لعدم تقديم أي دعم للمقاومة الفلسطينية أو فتح مسارات إمداد.
آثار الدعم الأمريكي
لم يكن الدعم الأمريكي الممنهج لـ”إسرائيل” مجرد دور ثانوي، بل كان عاملاً رئيسياً في تمكين العدوان الإسرائيلي وتصعيده. ومن أبرز الآثار التي نتجت عن هذا الدعم:
- ارتفاع أعداد الضحايا، إذ تجاوزت أعداد الضحايا في غزة عشرات الآلاف، بينهم نسب كبيرة من الأطفال والنساء، بسبب استمرار القصف المكثف على المناطق السكنية والمرافق المدنية.
- تدمير البنية التحتية، فقد أسهمت الأسلحة الأمريكية في تدمير مستشفيات ومدارس وشبكات مياه وكهرباء، ما جعل القطاع يعيش أسوأ أزماته الإنسانية.
- تعطيل الجهود الدبلوماسية، حيث تسبب الدعم السياسي الأمريكي لـ”إسرائيل” في إجهاض كل المحاولات الدولية لوقف إطلاق النار، مما زاد من معاناة المدنيين وأطال أمد الحرب.
هل بايدن شريك في الجرائم؟
بينما يقف نتنياهو وغالانت في دائرة الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ فإن بايدن بدعمه اللامحدود لـ”إسرائيل” شريك مباشر في الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، حيث إن تزويد إسرائيل بالسلاح، والتغطية السياسية في المحافل الدولية، والدفاع عن جرائمها؛ يضع الإدارة الأمريكية في موقع المسؤولية الأخلاقية والقانونية.
وفي ظل هذه الحقائق؛ يتساءل مراقبون: إذا كان القانون الدولي يلاحق مرتكبي الجرائم الحربية؛ فهل يتسع ليشمل داعميهم؟
أليس بايدن، الذي قدم كل الوسائل لاستمرار هذه الجرائم، يستحق المحاسبة أيضاً؟
وهل يمكن للمجتمع الدولي كسر الحواجز السياسية وتطبيق العدالة بشكل شامل؟ أم ستبقى ازدواجية المعايير سيدة الموقف؟