حلم “إسرائيل الكبرى”.. كيف يؤثر ضم الضفة الغربية في مستقبل الأردن؟
- الأردن يمتلك أوراقًا ضاغطة يمكن استخدامها في مواجهة خطة الضم
- المخطط أبعد من مجرد احتلال لقطاع غزة أو الضفة أو الأردن فالأمن العربي القومي كله مهدد
- الرنتاوي: مهدد وجودي للهوية والكيان الأردني ما يوجب اليقظة لمواجهة التهديدات القادمة
- الحباشنة: تنهي عمليًا الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس
- الحلايقة: العامل الوحيد الذي سيوقف الاحتلال هو صمود الناس بالضفة واستمرار المقاومة
- بدارين: يجب وقف الجسر البري والتبادل التجاري وتهديد الاحتلال بفتح الحدود
السبيل- آية الجعبري
في ذات اليوم الذي اجتمع فيه رؤساء أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية في قمة غير عادية عُقدت في الرياض؛ للمطالبة بإطلاق خطة محددة الخطوات والتوقيت لتنفيذ حل الدولتين، أتت تصريحات رسمية إسرائيلية على لسان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تؤكد تنفيذ خطة ضم الضفة الغربية وتوسيع حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي، “2025 عام السيادة في يهودا والسامرة” في إشارة إلى أراضي الضفة الغربية.
ليست المرة الأولى، فمنذ أحداث السابع من أكتوبر وقبلها مع صفقة القرن، يعلن الاحتلال مرارًا عن خطته الاستعمارية التي أطلق عليها “خطة الحسم” لتوسيع حدود “إسرائيل” بدءًا بضم غور الأردن ومن ثم مستوطنات الضفة الغربية وفرض السيطرة الأمنية والإدارية عليها، راميًا كافة الاتفاقات الدولية والأممية عرض الحائط.
فوفق اتفاق أوسلو، قُسمت أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق: منطقة “أ” التي تخضع أمنيًا وإداريًا للسلطة الفلسطينية، ومنطقة “ب” التي تخضع إداريًا للسلطة الفلسطينية وأمنيًا للاحتلال الإسرائيلي وتضم غالبية المستوطنات الإسرائيلية، ومنطقة “ج” التي تخضع أمنيًا وإداريًا للاحتلال وتشكل 60% من أراضي الضفة الغربية وتقع على حدود الأردن وهي ما يسعى الاحتلال لضمها بادي الرأي.
ورغم أن الاحتلال وفق الاتفاق لا يبسط سيطرته على مناطق “أ ، ب”، إلا أنه ضمنيًا ينفذ اقتحامات متتالية ويفرض حصارا عليها ويزيد من عدد المستوطنات الإسرائيلية فيها، وهو ما يجعل محللين يتوقعون أن تشمل الخطة هذه المناطق أيضًا لتصبح تحت السيادة الإسرائيلية بشكل رسمي.
أين يقع الأردن من هذه الخطة؟
تسعى خطة الضم وفق محللين إلى خلق بيئة طاردة للسكان الفلسطينيين، والسعي إلى تهجيرهم لبيئات عربية حاضنة، ويعتبر الأردن الأفضل؛ لقربه جغرافيًا وديمغرافيًا من حدود فلسطين التاريخية، وهو ما تَلَمَسهُ الأردن منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة، ليؤكد في كافة المحافل الدولية والعربية أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين للأردن بمثابة إعلان حرب.
بدأ الاحتلال الإسرائيلي وفق المحلل السياسي عريب الرنتاوي في حربه على الضفة الغربية منذ زمن من خلال عزل سكانه في ترسانات منفصلة عن بعضها البعض وخلق حالة خنق اقتصادي وأمني لتهيئة الظروف للتهجير القسري، وإلقاء عبء الديموغرافيا الفلسطينية على كاهل الأردن سواء بالنقل السياسي أو الفيزيائي عبر صيغة تمّكن الأردن من التعاطي مع مخرجات الحل الإسرائيلي -بحسب قوله-.
يصف الرنتاوي في حديث لـ “السبيل” خطة ضم الضفة الغربية بالمهدد الوجودي للهوية والكيان الأردني ما يعني ضرورة رفع درجة اليقظة لمواجهة التهديدات القادمة مع تولي دونالد ترامب زمام الرئاسة الأميركية من جديد، “ترامب سيكون سخيًا في تقديماته للاحتلال الإسرائيلي بقدر حزمه في وقف الحرب على قطاع غزة”.
منح ترامب الاحتلال الإسرائيلي في صفقة القرن الأولى عام 2019 ما نسبته 30% من أراضي الضفة الغربية بما يشمل غور الأرض والقدس، عبر إعلانها عاصمة لـ “إسرائيل” عام 2017.
ويراهن الاحتلال الإسرائيلي وفق رنتاوي على زيادة هذه النسبة إلى 62% على الأقل بما يشمل مناطق “ج” كاملة، ما يمنع الفلسطينيين من ممارسة حق تقرير المصير.
من جهته، يرى وزير الداخلية السابق سمير الحباشنة أن خطة ضم الضفة الغربية ستنهي عمليًا الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ما يعتبر خرقًا واضحًا لمعاهدة السلام.
ويوضح الحباشنة سعي الاحتلال لتكديس نحو 3 ملايين فلسطيني في منطقة تمثل نحو 20% أراضي الضفة الغربية أي ما يعادل مساحة أقل من مساحة قطاع غزة، مؤكدًا أن ذلك سيترك أثرًا “كارثيًا” على مسار القضية الفلسطينية ومستقبل الدولة الأردنية -بحسب وصفه-.
ماذا على الأردن أن يفعل؟
يحتاج الأردن وفق الحباشنة إلى إعمال القوة الذاتية للدولة الأردنية بعد انكفاء الأمن القومي العربي على نفسه، عبر تعزيز القوات المسحلة الأردنية وتفعيل الجيش الشعبي أو ما يعرف بخدمة العلم.
ويؤكد الحباشنة ضرورة تنفيذ حوار وطني يضم كافة القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتوحيد كلمتهم واصطفافهم تحت ما أسماه خندق الوطن، لمواجهة الاستهداف المباشر للأردن.
“أدواتنا القديمة لم تعد كافية، ولا صالحة لمواجهة التهديدات الجديدة” يقول عريب الرنتاوي، مؤكدًا ضرورة بلورة أجندة وطنية جديدة تحفظ الأردن من أي تهديد وجودي، قائمة على اعتبار أن الاحتلال الإسرائيلي هو العدو الأوحد للأردن والمنطقة العربية وأن مواجهة هذا المشروع أمر ممكن.
على أنَّ الأردن يمتلك أوراقًا ضاغطة يمكن استخدامها في مواجهة خطة ضم الضفة الغربية -بحسب الكاتب والمحلل السياسي بسام بدارين- تتمثل في ورقة اللاجئين الفلسطينيين، واستغلال مواقف الشعب الأردني الرافضة للاحتلال والداعمة للقضية الفلسطينية عدا عن التهديد بفتح الحدود.
ويشير بدارين إلى ضرورة وقف الجسر البري والتبادل التجاري الذي يشكل ورقة ضغط على الاحتلال اقتصاديًا، بالإضافة إلى تجميد أو إلغاء اتفاقية وادي عربة لكون أي خطوة لضم الضفة تعتبر مخالفة صريحة لنصوص الاتفاقية.
وقد أبدى الحباشنة رأيًا مخالفًا مع بدارين في خطوة إلغاء معاهدة السلام، على اعتبار أن إلغائها يعطي الاحتلال الإسرائيلي مبررًا لاستهداف الأردن، “الاتفاقيات يمزقها الأقوياء، وهذا عكس الواقع العربي الضعيف”.
من جانبه، يؤكد نائب رئيس الوزراء الأسبق محمد الحلايقة أن استمرار العرب والمسلمين على حالهم في التعاطي مع القضية الفلسطينية، يعني تقدم الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مخططاته التوسعية خاصة في ظل الدعم الأميركي الواضح.
“العامل الوحيد الذي يمكن أن يقف في وجه الاحتلال هو صمود الناس في الضفة الغربية واستمرار المقاومة”، يرى الحلايقة أن الأردن ليس في موقف يسمح له بالمناورة كثيرًا في ظل انعدام الإسناد العربي والإسلامي عدا عن الظروف الاقتصادية الصعبة، مؤكدًا أن البيانات الاستنكارية والتنديدات “لا تسمن ولا تغني من جوع”.
ويلفت الحلايقة النظر إلى حقيقة المخطط الصهيوني بكونه أبعد من مجرد احتلالٍ لقطاع غزة أو الضفة الغربية أو الأردن وإنما يشمل دول العالم العربي كافة، حتى تلك التي طبّعت مع الاحتلال الإسرائيلي بالمجان، على حد وصفه، “الأمن العربي القومي كله مهدد”.
“فماذا نحن فاعلون؟” سؤال طرحه المحللون السياسيون ليبقى رهن الإجابة بيد المواقف الرسمية المتخذة على أرض الواقع، والتي سيعتمد بناء عليها تنفيذ خطة الاحتلال التوسعية.