قراءة في اتفاق الهدنة.. الاحتلال يفشل في تحقيق أهدافه

السبيل – خاص
أعلنت الحكومة القطرية مساء الأربعاء، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، على أن يبدأ سريانه ظهر الأحد المقبل.
الاتفاق الذي شمل مجموعة كبيرة من البنود، من المفترض أن يتم عبر عدة مراحل تنتهي في غضون 6 أسابيع، على أن يتم العمل خلال هذه المدة على تحويله إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
وفي قراءته لبنود الاتفاق، قال أستاذ العلوم السياسية أ.د خالد شنيكات، إن الاحتلال شن عدوانه على قطاع غزة في تشرين أول/ أكتوبر 2023، بأهداف معلنة في مقدمتها القضاء بشكل كامل على حركة حماس، وكافة فصائل المقاومة، وإخراج الأسرى الإسرائيليين بالقوة دون قبول أي طرح لفكرة التبادل.
وأضاف في حديث لـ”السبيل”، أن ثالث أهداف الاحتلال كانت تهجير الغزيين، وهي فكرة طرحت بقوة من اتجاهات داخل الحكومة اليمينية المتطرفة التي يرأسها بنيامين نتنياهو.
وأشار أيضا إلى أن الاحتلال أعلن عزمه احتلال قطاع غزة بشكل دائم، وربطه أمنيا بـ”إسرائيل”، متابعا أن هذه هي الأهداف العليا الرئيسية من العدوان.
فشل كبير
قال أ.د خالد شنيكات أن الاتفاق الذي أعلن عنه إذا ماتم تنفيذه يعد تنازلا عن الأهداف الكبرى للحرب، وإن الاحتلال فشل في تحقيق أهداف، إذ أن الطرف الفلسطيني المفاوض في هذا الاتفاق كان حركة “حماس”، وبالتالي تراجع الاحتلال عن هدفه الأول بالقضاء عليها.
وتابع “القضية الثانية أن حماس ستكون في اليوم التالي للحرب بموجب الاتفاق، وما أدى إلى ذلك هو الفشل العسكري، بمعنى أن المفاوضات تعكس ميزان القوى على الأرض”، في إشارة إلى أن تماسك “حماس” وصمودها عسكريا أرغمت الاحتلال على الرضوخ في كونها موجودة بالفعل ولم تنتهي.
وقال شنيكات إن بقاء حماس التي ضعفت بسبب العدوان “يعد انتصارا”، منوها إلى أن تكلفة الحرب غير مسبوقة، ولم تحدث من قبل في التاريخ العسكري، بسبب حجم الدمائر الهائل، وأعداد الضحايا غير المسبوق.
ولكنه أشار إلى أن ما جرى من حرب إبادة “هشمت صورة إسرائيل الوردية، ونزعت صورتها كدولة ديمقراطية في المنطقة”، متابعا أن الصورة الحالية الوحشية للاحتلال قد تبقى للأجيال الحالية والقادمة.
وفيما يتعلق بقضية الأسرى، قال شنيكات إنه من الواضح أن ما طلبته “حماس” في قضية التبادل قد يتحقق، أو تحقق فعليا -اذا ما تم تنفيذ الاتفاق- بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل الأسرى الإسرائيليين.
ونوه شنيكات إلى أن هذه القراءة تأتي على افتراض أن الاتفاق سيكتمل حتى مراحله النهائية، وهي وقف نهائي لإطلاق النار.
وقال إن “حماس” طالبت الضامنون للاتفاق (الولايات المتحدة، قطر، ومصر) بالعمل على إنهاء الحرب بشكل كامل، وهو ما تعهدت به الدول الثلاث أيضا.
وتابع خالد شنيكات أن هدف الاحتلال الإسرائيلي من جعل قطاع غزة منطقة غير قابلة للحياة لم يتحقق أيضا، حيث جاء بموجب الاتفاق بند ينص على إعادة الإعمار خلال الفترة المقبلة، ومن الممكن أن يتم البدء فيها خلال المرحلة الثالثة.
“ليس بالمجان”
وأوضح أنه بالمجمل، سيكون الاحتلال حقق هدفا واحدا فقط من أهدافه، وهو إخراج الأسرى، لكن بثمن هو تحرير أسرى فلسطينيين، وليس بالمجان كما كان يريد نتنياهو.
وذكّر شنيكات بتصريحات قادة الاحتلال التي كانت ترفض فكرة مبدأ هذه الصفقة، لاعتبارها بأنها “مكافأة للقتلة الفلسطينيين الذين تورطوا بالدماء الإسرائيلية”.
وقال شنيكات إن “هذه الاعتبارات دفعت إسرائيل إلى تجرعها، مع استمرار الحرب وتكلفتها الهائلة”.
بنود غير معلنة؟
وضع أستاذ العلوم السياسية خالد شنيكات فرضية غير مؤكدة، قال إنه قد يكون هناك بنود تم الاتفاق عليها بين إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ونتنياهو، ساهمت في قبول الأخير للاتفاقية.
وتابع “هذا غير وارد بالاتفاقية، لكن قد تكون إسرائيل قبلت بهذه الاتفاقية بعد تلقيها تطمينات أو وعود أمريكية من قبل ترامب، تتعلق بالأوضاع في الضفة الغربية، خاصة وأن الوزيرين بتسئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، لزما الصمت حتى الآن، بعدما كانا يهددان في كل مرة بحل الحكومة في حال تم التوقيع على الاتفاق”.
وأضاف “ربما تلقوا بعض التعهدات الأمريكية من دونالد ترامب فيما يتعلق بالأوضاع بالضفة الغربية، قد تكون سيادة إسرائيلية، وهذا ما ستظهره الأسابيع والأشهر القادمة”.
وأشار إلى أن هناك وعود أيضا قد تكون أعطتها إدارة ترامب لإسرائيل، تتعلق بإيران والحوثيين، والجولان، والمناطق المحتلة مؤخرا في سوريا”.
وشدد على أن “هذا غير وارد بالاتفاق، لكنه قد يظهر كجزء من الاتفاق خلال المدى القصير أو المتوسط مستقبلا”.