العباسي تخاطب الحكومة بعبارة لـ”مهاتير محمد” وتستشهد بالتجربة “السنغافورية”
استشهدت النائب المهندسة إيمان العباسي بعبارة لمهاتير محمد خلال كلمتها أمام النواب اليوم ضمن جلسة مناقشة موازنة 2025 تقول: “لَا يُوجَدُ شَيْءٌ اسْمُهُ بَلَدٌ فَقِيرٌ أَوْ بَلَدٌ غَنِيٌّ، وَلَكِنْ يُوجَدُ شَيْءٌ اسْمُهُ حُكُومَةٌ فَاشِلَةٌ أَوْ نَاجِحَةٌ فِي إِدَارَةِ الْبَلَدِ اقْتِصَادِيًّا وَإِدَارِيًّا”.
كما استشهدت بِتَجْرِبَةِ سِينْغَافُورَةَ كَمِثَالٍ مُلْهِمٍ؛ حَيْثُ اسْتَطَاعَتِ الجَزِيرَةُ الصَّغِيرَةُ فِي جَنُوبِ شَرْقِ آسْيَا أَنْ تُصْبِحَ مِنْ أَكْثَرِ دُوَلِ العَالَمِ تَطَوُّرًا، رَغْمَ مَحْدُودِيَّةِ مَوَارِدِهَا الطَّبِيعِيَّةِ، بِفَضْلِ نِظَامِ التَّعْلِيمِ العَادِلِ وَإِدَارَةِ رَأْسِ المَالِ البَشَرِيِّ وَالحُكْمِ الرَّشِيدِ الَّذِي كَانَ بِمَثَابَةِ الرِّيَاحِ الدَّافِعَةِ لِأَشْرِعَةِ سِينْغَافُورَةَ نَحْوَ التَّقَدُّمِ.
وطلبت عباسي من الحكومة اسْتِثْمَارِ الْمَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالْبَشَرِيَّةِ إلى جانب تَنْمِيَةُ القِطَاعَاتِ الصِّنَاعِيَّةِ وَتَعْزِيزُ تَنَافُسِيَّتِهَا دَاخِلِيًّا وَخَارِجِيًّا، وَخَفْضُ كُلَفِ الطَّاقَةِ.
كلمة النائب م. إيمان العباسي
الموافق: 2025/01/06
مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،
سَعَادَةَ الرَّئيسِ، أَرْجُو السَّمَاحَ بِمُخَاطَبَةِ الحُكُومَةِ مِنْ خِلَالِ الرِّئَاسَةِ إِلَى نِهَايَةِ الخِطَابِ.
مَجْلِسَ النُّوَّابِ المُحْتَرَمِ، سَعَادَةَ الزَّمِيلَاتِ وَالزُّمَلَاءِ النُّوَّابِ، أَمَّا بَعْدُ،
فِي عَالَمٍ تُفْرِضُ فِيهِ حُكُومَاتُ العَالَمِ الغَرْبِيِّ مِيزَانِيَّاتٍ ضَخْمَةً، لَيْسَتْ عَلَى أَسَاسِ الحَقِّ بَلْ عَلَى أَسَاسِ القُوَّةِ، لِتَغْذِيَةِ آلَةِ الِاسْتِعْمَارِ وَالدَّمَارِ وَالقَتْلِ ضِدَّ أَبْنَاءِ شَعْبِنَا فِي غَزَّةَ، مُجْتَمَعٍ دُوَلِيٍّ يُمَكِّنُ الإِجْرَامَ فِي أَبْشَعِ إِبَادَةٍ بَشَرِيَّةٍ لِأَصْحَابِ حَقٍّ عَلَى أَرْضِهِمْ، مِيزَانِيَّاتٍ ضَخْمَةٍ يُكَرِّسُهَا لِلهَدْمِ وَالدَّمَارِ لَا لِلْبِنَاءِ، لِإِبَادَةِ الإِنْسَانِ لَا لِنَهْضَتِهِ، لِإِفْسَادِ الأَرْضِ لَا لِعِمَارَتِهَا. مَشْهَدٌ غَابَ عَنْ وَاقِعِهِ مَعَالِمُ سَرْدِيَّتِنَا المُسْتَمَدَّةُ مِنْ قِيَمِ الإِسْلَامِ وَالعَدَالَةِ الرَّبَّانِيَّةِ. الحَقُّ وَالعَدْلُ وَالكَرَامَةُ فَوْقَ كُلِّ الاعْتِبَارَاتِ المَادِّيَّةِ، مِمَّا يُحَتِّمُ عَلَيْنَا بِنَاءَ مُوَازَنَاتٍ تُحْيِي فِينَا جَذْوَةَ الأَمَلِ -فِي هَذَا الزَّمَانِ الصَّعْبِ- بِأَنَّ هُنَاكَ مُمْكِنًا، وَبِأَنَّ هُنَاكَ مِسَاحَةَ عَمَلٍ جَادٍّ لِعِمَارَةِ الأَوْطَانِ، وَنَهْضَةِ الإِنْسَانِ.
اليَوْمَ وَنَحْنُ نُنَاقِشُ مَشْرُوعَ قَانُونِ المُوَازَنَةِ العَامَّةِ، يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ المُوَازَنَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ أَرْقَامٍ تُقَرُّ، بَلْ هِيَ انْعِكَاسٌ لِرُؤْيَةِ بِلَادِنَا وَأَوْلَوِيَّاتِنَا. فِي وَقْتٍ تَتَزَايَدُ فِيهِ التَّحَدِّيَاتُ وَيُحَاكُ لَنَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، مَسْؤُولِيَّتُنَا أَنْ نُرَاعِيَ فِي مُوَازَنَتِنَا تَنْمِيَةَ الإِنْسَانِ، وَبِنَاءَ مُجْتَمَعٍ عَادِلٍ قَائِمٍ عَلَى الكَرَامَةِ، وَنُعِيدَ بِنَاءَ مَا دَمَّرَتْهُ المَنْظُومَةُ الغَرْبِيَّةُ فِي أَرْضِنَا العَرَبِيَّةِ بِسَوَاعِدِ أَبْنَائِنَا، مُتَمَثِّلِينَ قِيَمَ إِسْلَامِنَا.
السَّادَةَ الحُضُورَ الكَرِيمَ،
مَشْرُوعُ قَانُونِ المُوَازَنَةِ العَامَّةِ يُمَثِّلُ خَارِطَةَ طَرِيقٍ لِلاقْتِصَادِ الأُرْدُنِّيِّ وَبَرْنَامَجَ الحُكُومَةِ، وَهَذَا المَشْرُوعُ لَمْ يُغَادِرِ النَّمَطَ السَّابِقَ لِلْمُوَازَنَاتِ، حَيْثُ لَمْ تَشْهَدِ النِّسَبُ المُتَعَلِّقَةُ بِالعَجْزِ وَالدَّيْنِ العَامِّ تَغَيُّرَاتٍ مَلْمُوسَةً، مِمَّا يُثِيرُ تَسَاؤُلَاتٍ حَوْلَ قُدْرَةِ المَشْرُوعِ عَلَى تَحْقِيقِ تَغْيِيرٍ مَلْمُوسٍ عَلَى الصَّعِيدَيْنِ الاقْتِصَادِيِّ وَالاجْتِمَاعِيِّ.
فَقَدْ قُدِّرَ عَجْزُ المُوَازَنَةِ فِي مَشْرُوعِ القَانُونِ بِحَوَالَي 2.278 مِلْيَارِ دِينَارٍ أُرْدُنِّيٍّ، أَوْ مَا نِسْبَتُهُ 5.7% مِنَ النَّاتِجِ المَحَلِّيِّ الإِجْمَالِيِّ، وَقُدِّرَ الدَّيْنُ العَامُّ بِحَوَالَي 44 مِلْيَارَ دِينَارٍ أُرْدُنِّيٍّ. وَقُدِّرَ نُمُوُّ النَّاتِجِ المَحَلِّيِّ الإِجْمَالِيِّ بِالأَسْعَارِ الثَّابِتَةِ بِنِسْبَةٍ تُشَكِّلُ 2.5%، أَقَلَّ مِنَ المَطْلُوبِ فِي رُؤْيَةِ التَّحْدِيثِ الاقْتِصَادِيِّ وَالبَالِغِ 5.6%، وَهُوَ مَا يُعَكِّسُ تَزَايُدَ الدَّيْنِ العَامِّ وَالتَّحَدِّيَاتِ الاقْتِصَادِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُنَا.
لَا زَالَتِ الإِيرَادَاتُ الضَّرِيبِيَّةُ هِيَ المَصْدَرَ الأَسَاسَ لِلإِيرَادَاتِ العَامَّةِ فِي مَشْرُوعِ القَانُونِ، حَيْثُ تُشَكِّلُ 75% مِنَ الإِيرَادَاتِ المَحَلِّيَّةِ، وَالَّتِي تُشَكِّلُ عِبْئًا عَلَى الطَّبَقَاتِ الفَقِيرَةِ وَالمُتَوَسِّطَةِ بِسَبَبِ تَرْكِيزِهَا عَلَى الضَّرَائِبِ غَيْرِ المُبَاشِرَةِ، مِمَّا يَتَطَلَّبُ إِصْلَاحًا لِلنِّظَامِ الضَّرِيبِيِّ يَكُونُ تَوْزِيعُ العِبْءِ فِيهِ قَائِمًا عَلَى الإِنْصَافِ وَالتَّصَاعُدِيَّةِ، وَتَحْسِينِ تَحْصِيلِ الضَّرَائِبِ.
يَجِبُ أَنْ تُبْنَى فَرْضِيَّةُ تَقْدِيرِ الإِيرَادَاتِ عَلَى سِيَاسَاتٍ مَالِيَّةٍ احْتِرَازِيَّةٍ لِمُوَاجَهَةِ المَخَاطِرِ وَالأَزَمَاتِ (مِنَ التَّهَرُّبِ وَالتَّجَنُّبِ الضَّرِيبِيِّ وَالجُمْرُكِيِّ وَالتَّأْثِيرَاتِ الجِيُوسِيَاسِيَّةِ فِي المِنْطَقَةِ)، حَتَّى لَا تُؤَثِّرَ سَلْبًا فِي النَّفَقَاتِ الحَيَوِيَّةِ الدَّاعِمَةِ لِلنُّمُوِّ وَالِاسْتِقْرَارِ الاقْتِصَادِيِّ.
أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَاتِ فَقَدْ تَرَكَّزَ الإِنْفَاقُ العَامُّ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى النَّفَقَاتِ الجَارِيَةِ الَّتِي تُشَكِّلُ مَا نِسْبَتُهَا 88% مِنْ إِجْمَالِيِّ الإِنْفَاقِ العَامِّ، مِمَّا يُحَدُّ مِنْ قُدْرَةِ الحُكُومَةِ عَلَى التَّغْيِيرِ فِي هَيْكَلِ مُكَوِّنَاتِ النَّفَقَاتِ العَامَّةِ بِحُكْمِ جُمُودِ بُنُودِهَا وَصَلَابَةِ مُكَوِّنَاتِهَا.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، شَكَّلَ الإِنْفَاقُ الرَّأْسْمَالِيُّ مَا نِسْبَتُهُ 11.7% مِنْ الإِنْفَاقِ العَامِّ، وَبَلَغَتِ النَّفَقَاتُ المُخَصَّصَةُ لِمَشَارِيعِ رُؤْيَةِ التَّحْدِيثِ الاقْتِصَادِيِّ وَتَحْدِيثِ القِطَاعِ العَامِّ حَوَالَيْ 17% مِنْ إِجْمَالِيِّ النَّفَقَاتِ الرَّأْسْمَالِيَّةِ، الأَمْرُ الَّذِي لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي إِحْدَاثِ نُمُوٍّ اقْتِصَادِيٍّ وَاسْتِحْدَاثِ فُرَصِ عَمَلٍ وَتَقْلِيلِ العَجْزِ وَالمَدْيُونِيَّةِ.
وَمِنْ عُيُوبِ المُوَازَنَةِ ضَعْفُ كَفَاءَةِ الإِنْفَاقِ وَمَرْدُودِهَا، وَالَّتِي فِي غَالِبِهَا تَكُونُ مُصَمَّمَةً لِسَدِّ الحَاجَةِ وَاسْتِمْرَارِ تَمْوِيلِ العَجْزِ مِنْ خِلَالِ القُرُوضِ.
آنَ الأَوَانُ أَنْ تَنْتَقِلَ المُوَازَنَةُ العَامَّةُ مِنْ مُرَبَّعِ التَّقْلِيدِيَّةِ نَحْوَ مُوَازَنَةٍ جَدِيدَةٍ قَائِمَةٍ عَلَى الاِبْتِكَارِ وَتَحْفِيزِ الاقْتِصَادِ الوَطَنِيِّ، تَرْتَكِزُ عَلَى الإِنْفَاقِ الرَّأْسْمَالِيِّ وَزِيَادَةِ حِصَّتِهِ وَفَعَالِيَّتِهِ لِلْقِطَاعَاتِ التَّنْمَوِيَّةِ وَالإِنْتَاجِيَّةِ الَّتِي تُسَاهِمُ فِي تَحْسِينِ الاقْتِصَادِ وَزِيَادَةِ فُرَصِ العَمَلِ المُسْتَدَامَةِ، مِثْلَ الصِّنَاعَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَالإِنْشَاءَاتِ وَالسِّيَاحَةِ وَالقِطَاعِ التِّكْنُولُوجِيِّ.
التَّحَسُّنُ فِي المُؤَشِّرَاتِ المَالِيَّةِ يُظْهِرُ تَقَدُّمًا فِي دَرَجَةِ ائْتِمَانِ الأُرْدُنِّ، وَبِحَسَبِ مُؤَشِّرِ
“Standard & Poor’s” فَقَدْ ارْتَفَعَتِ الدَّرَجَةُ مِن ْB نَحْوَ BB-، وَفِي تَقْرِيرِ التَّنَافُسِيَّةِ العَالَمِيِّ لِعَامِ 2024 أَحْرَزَتِ الأُرْدُنُّ تَقَدُّمًا بِمِقْدَارِ 6 دَرَجَاتٍ عَنْ عَامِ 2023. وَلَكِنَّ هَذَا التَّقَدُّمَ يَحْمِلُ مَخَاطِرَ التَّوَسُّعِ فِي الاقْتِرَاضِ إِلَّا إِذَا اسْتُثْمِرَ فِي تَشْجِيعِ وَتَرْوِيجِ الأُرْدُنِّ كَوِجْهَةٍ لِلْفُرَصِ الاسْتِثْمَارِيَّةِ، تَتَجَاوَزُ سُوقَهَا الصَّغِيرَ إِلَى الأَسْوَاقِ العَرَبِيَّةِ وَالعَالَمِيَّةِ.
لَقَدِ اسْتَبْشَرَ المُوَاطِنُ بِرُؤْيَةِ التَّحْدِيثِ الاقْتِصَادِيِّ الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى الِارْتِقَاءِ بِنَوْعِيَّةِ الحَيَاةِ لِجَمِيعِ المُوَاطِنِينَ، وَذَهَبَ بِهِ الخَيَالُ فِي مَسَاحَاتٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الأَمَلِ فِي تَحْقِيقِ العَدَالَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ وَالحَدِّ مِنَ الفَقْرِ وَمُكَافَحَةِ البَطَالَةِ وَرَفْعِ مُسْتَوَى الدَّخْلِ وَتَحْسِينِ جَوْدَةِ الخِدْمَاتِ الصِّحِّيَّةِ وَالتَّعْلِيمِيَّةِ. لَكِنَّهُ أَفَاقَ عَلَى صَدْمَةِ المُوَازَنَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى مُخَصَّصَاتٍ لِرَفْعِ الرَّوَاتِبِ المُجَمَّدَةِ مُنْذُ سِنِينَ، بَلْ تَتَآكَلُ بِفِعْلِ الغَلَاءِ وَالضُّغُوطِ الاقْتِصَادِيَّةِ الَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى اسْتِقْرَارِ الأُسَرِ وَتَآكُلِ القُدْرَةِ الشِّرَائِيَّةِ وَزِيَادَةِ الأَعْبَاءِ المَالِيَّةِ الَّتِي تُعَرِّضُ الأَفْرَادَ لِخَطَرِ الحِرْمَانِ مِنْ حُقُوقِهِمُ الأَسَاسِيَّةِ فِي الصِّحَّةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالرَّفَاهِيَةِ، مِمَّا يُقَوِّضُ الأُسُسَ السَّلِيمَةَ لِلْمُجْتَمَعَاتِ.
بَعْدَ التَّطْوَافِ فِي مِلَفِّ المُوَازَنَةِ وَجَدَاوِلِهَا وَأَرْقَامِهَا المِلْيُونِيَّةِ، وَالمُشَارَكَةِ فِي حُضُورِ اجْتِمَاعَاتِ اللَّجْنَةِ المَالِيَّةِ مَعَ القِطَاعَاتِ وَالوِزَارَاتِ المُخْتَلِفَةِ، خَلَصْتُ إِلَى النَّتَائِجِ التَّالِيَةِ:
ضَرُورَةُ إِيجَادِ سِيَاسَاتٍ اقْتِصَادِيَّةٍ جَدِيدَةٍ تُسَاهِمُ فِي إِيجَادِ فُرَصِ عَمَلٍ حَقِيقِيَّةٍ وَمُسْتَدَامَةٍ مِنْ خِلَالِ المَشَارِيعِ الرَّأْسْمَالِيَّةِ وَالاسْتِثْمَارِيَّةِ، وَوَضْعِ أَنْظِمَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لِإِدَارَةِ العَلاقَةِ مَعَ المُسْتَثْمِرِينَ وَتَوْفِيرِ بِيئَةٍ آمِنَةٍ جَاذِبَةٍ لِلِاسْتِثْمَارِ.
تَنْمِيَةُ القِطَاعَاتِ الصِّنَاعِيَّةِ وَتَعْزِيزُ تَنَافُسِيَّتِهَا دَاخِلِيًّا وَخَارِجِيًّا، وَخَفْضُ كُلَفِ الطَّاقَةِ.
زِيَادَةُ مُخَصَّصَاتِ قِطَاعِ الطَّاقَةِ لِاسْتِثْمَارِ المَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةِ وَمَصَادِرِ الطَّاقَةِ، فَهُوَ عِمَادُ النُّهُوضِ الاقْتِصَادِيِّ، وَالعَمَلُ الجَادُّ عَلَى إِطْلَاقِ عَمَلِيَّاتِ التَّنْقِيبِ وَدِرَاسَةِ جَدْوَى الاحْتِيَاطَاتِ مِنَ النَّفْطِ وَالغَازِ، وَزِيَادَةُ الاسْتِثْمَارِ فِي الطَّاقَةِ المُتَجَدِّدَةِ، وَالحَدُّ مِنْ فَاقِدِ الطَّاقَةِ الَّذِي يُتَحَمَّلُ عَلَى المُسْتَهْلِكِينَ. وَعَقْدُ اتِّفَاقِيَّاتِ شِرَاءِ طَاقَةٍ عَادِلَةٍ وَوَاقِعِيَّةٍ.
عَمَلُ مَشَارِيعَ تَسْتَهْدِفُ تَوْطِينَ التَّنْمِيَةِ فِي البَوَادِي وَالمُحَافَظَاتِ، وَالحَدُّ مِنَ الفَقْرِ وَالبَطَالَةِ عَبْرَ تَشْغِيلِ المُوَاطِنِينَ فِي مَشَارِيعَ قَرِيبَةٍ مِنْ مَوَاقِعِ سَكَنِهِمْ.
تَحْوِيلُ كَامِلِ المِنَحِ وَالمُسَاعَدَاتِ إِلَى الخَزِينَةِ لِضَمَانِ المُتَابَعَةِ وَالرَّقَابَةِ عَلَيْهَا.
دَمْجُ الهَيْئَاتِ المُسْتَقِلَّةِ غَيْرِ الفَعَّالَةِ (مِنْ نَاحِيَةِ مُبَرِّرَاتِ وُجُودِهَا أَوْ عَدَمِ الاكْتِفَاءِ الذَّاتِيِّ مِنْ مَوَارِدِهَا المَالِيَّةِ) مَعَ الجِهَاتِ الحُكُومِيَّةِ المُخْتَصَّةِ، وَالعَمَلُ عَلَى احْتِوَاءِ العَجْزِ المُتَرَاكِمِ مِنْ وَحْدَتَيِ الكَهْرَبَاءِ الوَطَنِيَّةِ وَسُلْطَةِ المِيَاهِ البَالِغِ 823 مِلْيُونًا.
وَأَخِيرًا، يَجِبُ أَنْ تُرَكِّزَ المُوَازَنَةُ عَلَى تَعْزِيزِ مَنظُومَةِ الحِمَايَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ وَالتَّمْكِينِ الاقْتِصَادِيِّ لِلأُسَرِ الفَقِيرَةِ، وَتَحْقِيقِ الأَمْنِ الغِذَائِيِّ وَالمَائِيِّ لِضَمَانِ اسْتِقْرَارِ أَسْعَارِ السِّلَعِ الأَسَاسِيَّةِ.
أَخْتِمُ بِتَجْرِبَةِ سِينْغَافُورَةَ كَمِثَالٍ مُلْهِمٍ؛ حَيْثُ اسْتَطَاعَتِ الجَزِيرَةُ الصَّغِيرَةُ فِي جَنُوبِ شَرْقِ آسْيَا أَنْ تُصْبِحَ مِنْ أَكْثَرِ دُوَلِ العَالَمِ تَطَوُّرًا، رَغْمَ مَحْدُودِيَّةِ مَوَارِدِهَا الطَّبِيعِيَّةِ، بِفَضْلِ نِظَامِ التَّعْلِيمِ العَادِلِ وَإِدَارَةِ رَأْسِ المَالِ البَشَرِيِّ وَالحُكْمِ الرَّشِيدِ الَّذِي كَانَ بِمَثَابَةِ الرِّيَاحِ الدَّافِعَةِ لِأَشْرِعَةِ سِينْغَافُورَةَ نَحْوَ التَّقَدُّمِ.
وَأَقْتَبِسُ مِنْ كَلَامِ مَهَاتِيرِ مُحَمَّدٍ: “لَا يُوجَدُ شَيْءٌ اسْمُهُ بَلَدٌ فَقِيرٌ أَوْ بَلَدٌ غَنِيٌّ، وَلَكِنْ يُوجَدُ شَيْءٌ اسْمُهُ حُكُومَةٌ فَاشِلَةٌ أَوْ نَاجِحَةٌ فِي إِدَارَةِ الْبَلَدِ اقْتِصَادِيًّا وَإِدَارِيًّا”. اِنْتَهَى الِاقْتِبَاسُ.
وَنَأْمُلُ أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ نَاجِحَةً وَقَادِرَةً عَلَى اسْتِثْمَارِ الْمَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالْبَشَرِيَّةِ، فَالْمُوَاطِنُونَ الْأُرْدُنِيُّونَ أَصْحَابُ أَحْسَابٍ وَأَنْسَابِ َالشَّرَفِ الْمَوْرُوثِ وَمَا فِيهِ مِنْ أَعْرَاقِ الْخَيْرِ الَّتِي تَتَرَاكَمُ فِي الْعَوَائِلِ الَّتِي يَحْرِصُ فِيهَا الْأَجْدَادُ عَلَى نَجَابَةِ الْأَحْفَادِ وَاخْتِيَارِ الْحَرَائِرِ لِيَلِدْنَ الْأَحْرَارَ الَّذِينَ لَا يَظْلِمُونَ وَلَا يُظْلَمُونَ، يَسْتَحِقُّونَ الْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ.
يَجْدُرُ بِنَا أَنْ نُوَفِّرَ لَهُمْ أَنْظِمَةً تَرْبَوِيَّةً وَتَعْلِيمِيَّةً وَصِحِّيَّةً حتى تتركّز إِرَادَتَهُمْ وَإِدَارَتَهُمْ مِنْ اسْتِثْمَارِ الْجُهْدِ وَالْوَقْتِ لِتَحْرِيكِ الْحَيَاةِ نَحْوَ النَّمَاءِ وَالِازْدِهَارِ. كَمَا يَجِبُ الْوَعْيُ بِالْوَاجِبَاتِ الْحَضَارِيَّةِ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا تَقَدُّمُ الْأُمَمِ.
فَالْأَمْرُ لَا يَكْفِيهِ مُجَرَّدُ رَصْدٍ وَتَقْيِيمٍ لِلْمَوَازَنَاتِ بِمَا فِيهَا مِنْ نَفَقَاتٍ وَإِيرَادَاتٍ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بِنَاءِ وَتَنْمِيَةِ الْإِنْسَانِ لِإِنْتَاجِ أَصْحَابِ الْعُقُولِ الرَّاشِدَةِ وَالنَّظَرَاتِ التَّحْلِيلِيَّةِ وَالْحِسَابِيَّةِ، وَلَيْسَ أَصْحَابَ التَّلَفُّتَاتِ الشَّارِدَةِ.