حكومة حسان.. بين رهبة اختبار الثقة وأمان العرف السياسي

السبيل – خاص

يستمع مجلس النواب، الأحد، للبيان الوزاري لحكومة الدكتور جعفر حسان، والذي ستطلب بموجبه الثقة، سنداً لأحكام المادة 53 من الدستور، ويشرع النواب بعدها بمناقشة البيان الوزاري، ومن ثم التصويت على الثقة، في واحدة من المحطات السياسية التي تعكس طبيعة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتنظيمية في البلاد.

ومن المرجح أن تستغرق مناقشة النواب للبيان الوزاري عدة أيام، ما يعني أن جلسة التصويت على الثقة ستتأخر إلى نهاية الأسبوع الحالي، أو بداية الأسبوع القادم.

“الثقة” في الدستور الأردني

ينظم الدستور الأردني العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب، ويحدد آليات منح الثقة أو حجبها.

وتنص المادة 53 من الدستور على أن الحكومة الجديدة ملزمة بعرض بيانها الوزاري أمام مجلس النواب خلال شهر من تشكيلها.

وبعد مناقشة البيان؛ يصوت النواب لمنح الثقة أو حجبها، بشرط حصول الحكومة على الأغلبية المطلقة (50%+1 من مجموع أعضاء المجلس) لضمان استمرارها، ويحسب الامتناع عن التصويت بمثابة حجب للثقة في حال كانت الحكومة هي التي تقدمت بطلب الثقة.

ويحق لمجلس النواب حجب الثقة عن الحكومة في أي وقت أثناء عملها إذا قرر ذلك بأغلبية أعضائه. وفي حال حجب الثقة، تكون الحكومة ملزمة بالاستقالة. أما إذا تعلق الأمر بوزير معين؛ فيحق للمجلس حجب الثقة عنه أيضًا وفق الدستور، مما يؤدي إلى استقالته دون المساس بالحكومة ككل.

ويجعل هذا الإطار الدستوري التصويت على الثقة أداة محورية في الرقابة البرلمانية، ويؤكد على التوازن بين السلطتين.

سياق تاريخي

ورغم هذه النصوص الدستورية؛ فإن الممارسة البرلمانية في الأردن كشفت عن عدم التمكن من حجب الثقة عن الحكومات.

ففي تاريخ المملكة البرلماني منذ عام 1950 وحتى اليوم؛ لم يتم حجب الثقة عن أي حكومة سوى في حادثة واحدة عام 1963، عندما كان سمير الرفاعي (الجد) رئيسًا للوزراء. حينها قرر 23 نائبًا من أصل 60 حجب الثقة عنه، ما دفعه إلى تقديم استقالته قبل انعقاد جلسة التصويت.

ومنذ ذلك الحين؛ تمكنت الحكومات المتعاقبة من الحصول على الثقة، مستفيدة من التوازنات السياسية والتحالفات داخل البرلمان، وربما بعض الضغوطات التي كانت تمارس على بعض النواب.

أمان العرف السياسي

في ضوء ما سبق؛ تبدو جلسة التصويت على حكومة جعفر حسان، فرصة لاختبار العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب.

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات القادمة مناقشات ساخنة حول بيان الحكومة وبرامجها، خاصة ما يتعلق بعجز الموازنة والدين العام والاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم ذلك؛ يرجح مراقبون أن تحصل على الثقة، كما جرت العادة في العرف السياسي للمملكة. ولكن تبقى الحكومة أمام اختبار ثقة مزدوج: الأول أمام النواب، والثاني أمام الشعب. فهل ستتمكن حكومة جعفر حسان من تجاوز هذا الامتحان بثقة النواب؟ سنعرف الإجابة في الأيام القليلة القادمة.