إعلان عباس “الدستوري” غير قانوني
كاتب المقال : علي سعادة
إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “الدستوري” الجديد الذي يقضي بأنه “في حال شغور مركز رئيس السلطة الفلسطينية، يتولى مهامه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني (روحي فتوح حاليا) مؤقتا، إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية وفق قانون الانتخابات الفلسطيني”. هو “قرار دستوري” تشوبه مخالفة قانونية واضحة، كما أنه يخلط من جديد بين السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، المجلس الوطني الفلسطيني أحد مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وليس من ضمن وجوه السلطة، بينما المجلس التشريعي هو برلمان السلطة الفلسطينية.
روحي فتوح لا يملك قيمة يمكن الاتكاء عليها في صفوف حركة فتح قاطبة، ولا يعتبر فتوح من رجالات الصف الأول في الثورة الفلسطينية، ما يعني بقاء الصراع مفتوحا على مصراعيه بين الطامعين والطامحين لتسلم موقع عباس منذ سنوات.
وسواء كان فتوح أم أي قيادي آخر في حركة فتح فهم جميعهم من نفس مدرسة محمود عباس.
لكن النقطة الجوهرية هي أن القانون الأساسي الفلسطيني ينص عل أنه في حال شغور مركز رئيس السلطة الوطنية “يتولى رئيس المجلـس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا لمدة لا تزيد عن 60 يوما تجري خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني”.
لكن المجلس التشريعي، الذي حصلت حركة حماس على أغلب مقاعده في آخر انتخابات عامة جرت عام 2006، تم حله بقرار من المحكمة الدستورية (شكلها محمود عباس منفردا) أواخر 2018. وإجراء الحل نفسه مشكوك في صحته القانونية أيضا، وهو ما يعني أن قرار رئيس السلطة محمود عباس، بشأن “منصب عباس” غير دستوري.
لأن من يملك تعديل القانون الأساسي الفلسطيني هو المجلس التشريعي؛ وبالتالي قرار عباس ليس له أي سند أو مرجعية قانونية.
وحسب خبراء قانونيين، فإن “صلاحيات الرئيس محددة في القانون الأساسي على سبيل الحصر، والأصل -وفق القانون الأساسي- أن يتولى مهام الرئيس رئيس المجلس التشريعي حرفيا، وفي حال عدم وجود رئيس مجلس تشريعي، يكون رئيس المحكمة الدستورية، وبالتالي أي إعلان يخالف هذا الموضوع لا يمكن اعتباره إعلانا سليما قانونيا ودستوريا”.
لكن يبدو أن الضغوط الخارجية التي تمارس على “أبو مازن” لتحديد آلية حال وفاته أو عجزه عن القيام بمسؤولياته دفعته إلى ذلك ربما دون إرادة منه فبحث عن الحل الأكثر ليونة وسهولة.
دون حصول توافق وطني فإن القرار “الدستوري” في ظل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وما يجري في الضفة الغربية حيث تسيطر السلطة، نظريا فقط وعلى الورق، لن يتغير شيء، فالبيت الداخلي الفلسطيني مبعثر وبحاجة إلى إعادة ترتيب وإلى حكومة وحدة وطنية تضم كفاءات وطنية، من مختلف الفصائل، تستطيع موجهة التهديدات والتحديات الوطنية، وقبول العرب والجهات الدولية بأن تقوم السلطة بعملية تجميل وتغير شكلي لن يخدم استقرار السلطة طويلا، وسيضر أكثر مما يفيد.
إعلان “عباس الدستوري” يمكن أن يوصف بكلمة واحدة أنه إعلان سياسي وجاء ليرضي أطرفا سياسيا غالبا خارجية، وجاء بناء على رغبات سياسية، أما القانون فحكاية أخرى يمكن القفز من فوقها والمضي في نفس النهج الذي أوصل الشعب الفلسطيني إلى الوضع الكارثي الحالي، وهو أولوية أكثر إلحاحا من قصة خلاف عباس لأن القانون واضح بشأنها.