“إعلان عباس الدستوري”.. بين فقدان الشرعية وتغييب دور المجلس الوطني الفلسطيني
- القاسم: صفة رئاسة السلطة الفلسطينية لا تعطي الصلاحية لإصدار تعديلات دستورية
- حلوم: الشعب الفلسطيني هو من يملك حق اختيار رئيس له وفق انتخابات شرعية
السبيل- آية الجعبري
أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمس الأربعاء ما أسماه “إعلانًا دستوريًا” يقضي بتولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح حاليًا منصب رئيس السلطة في حال شغوره إلى حين إجراء انتخابات رئاسية، وهو ما يراه محللون “خرقًا دستوريًا” و”إعلانًا باطل” وخلطًا بين أوراق السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.
بطلان الإعلان
أستاذ القانون الدولي د. أنيس فوزي القاسم قال في حديث لـ “السبيل” إن الإعلان الدستوري الذي أصدره محمود عباس أمس “باطلٌ” من أساسه لكون عباس فاقدا للشرعية الدستورية منذ عام 2009، وساعيًا لتغييب دور المجلس الوطني الفلسطيني الذي هو مصدر الشرعية في منظمة التحرير الفلسطينية.
منذ عام 2009 يتولى محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية دون إجراء انتخابات شرعية تفضي إلى اختيار الرئيس، حيث أنه لجأ إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية منذ انتهاء ولايته في يناير من ذلك العام إلى وقتنا الحالي؛ بذرائع مختلفة مرتبطة بالانقسام الداخلي بين حركتي حماس وفتح؛ وهو ما يجعل قراراته منذ ذلك الوقت غير شرعية، وفق القاسم.
بدعة “القانون الأساسي”
يتساءل القاسم عن الصفة التي يصدر بها محمود عباس الإعلان الدستوري، مؤكدًا أن صفة رئاسة السلطة الفلسطينية لا تعطيه -وفق القانون الأساسي الذي تم تأسيسه عام 2003- الصلاحية لإصدار تعديلات دستورية. “هو وأبو عمار اخترعوا ما يسمى القانون الأساسي وهو لا يمنح الرئيس سلطة تعيين خليفة له”.
ولو قيل بأن محمود عباس أصدر الإعلان الدستوري كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن القاسم يؤكد أنه رئيس غير شاهد للمنظمة منذ عام 2009، “هذا تخبيص اسمه؛ لأنه هو نفسه لا يملك شرعية حتى يصدر أمر رئاسي يتعلق بمنظمة التحرير”.
وكان القانون الأساسي الفلسطيني ينص على أنه وفي حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية، يتولى رئيس المجلس التشريعي مهام رئاسة السلطة مؤقتاً لمدة لا تزيد على 60 يوماً، تجرى خلالها انتخابات لاختيار رئيس جديد. لكن المجلس التشريعي، الذي حصلت حركة حماس على أغلب مقاعده في آخر انتخابات عام 2006، جرى حله بقرار من المحكمة الدستورية أواخر 2018.
انحراف النهج
من جهته، يؤكد المحلل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني د. ربحي حلوم عدم شرعية الإعلان، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني هو من يملك حق اختيار رئيس له وفق انتخابات شرعية، “ليس من حق كائن من كان أن يعين رئيسًا للشعب الفلسطيني وأن من حقه انتخاب الرئيس الذي يراه مناسبًا”.
هناك الكثير من الملاحظات -وفق حلوم- عن انحراف النهج الذي يتزعمه محمود عباس منذ سبعينيات القرن الماضي في إدارة المشهد الفلسطيني، وأنه كان يتعامل باعتباره ذراعا لأعداء الشعب الفلسطيني. “لا شرعية لأي قرار يصدره عباس وشعبنا القابع تحت احتلالين؛ الاحتلال الصهيوني واحتلال محمود عباس سيأتي اليوم الذي سيحاسبه التاريخ على ما فعل”.
المنظمة ترحب
من جهتهم، تلقى أعضاء منظمة التحرير القرار بترحيب، واصفينه بـ “الخطوة الحكيمة والشجاعة للحفاظ على استقرار النظام السياسي الفلسطيني”، وأنه “يمثل ضمانة لانتقال السلطة بشكل سلمي وديمقراطي”.
أما وسائل الإعلام العبرية فقد أكدت أن القرار جاء بعد ضغوط أميركية على محمود عباس باختيار شخصيات بديلة عنه، حيث نقلت صحيفة هآرتس أن “قرار عباس جاء بفعل ضغوط فرضت عليه إما الاستقالة، أو وضع شخصية بديلة له في حال فشله بالقيام بمهامه، وكذلك لمنع نشوب حرب داخلية على خلافته”.
في حين نقلت القناة 12 العبرية عن مصادر فلسطينية أن إعلان أبو مازن لا علاقة له بوضعه الصحي.
وعبر منصة “x” -تويتر سابقًا- تفاعل المحللون السياسيون مع الإعلان الدستوري، حيث يرى المحلل السياسي والكاتب ياسر زعاترة أن الدافع وراء الإعلان الدستوري هو الوضع الصحي لمحمود عباس الذي يبلغ من العمر 88 عامًا ويعاني من وضع صحي حرج.
في حين سخر الناشط السياسي د. فايز أبو شمالة من الإعلان الدستوري قائلًا: “لقد صغرتم حتى صارت القضية الفلسطينية صراف آلي وتنسيق وتعاون أمني!”.