بعد مقتل أحد حاخاماتها في أبوظبي.. ماذا تعرف عن منظمة “حاباد” اليهودية؟
السبيل – خاص
أثار اختفاء الحاخام الإسرائيلي زفي كوغان في الإمارات ثم العثور عليه مقتولاً، اهتماماً واسعاً بمنظمة “حاباد” التي ينتمي إليها.
وكان الحاخام كوغان – وهو ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي ومساعد للحاخام الأكبر في أبوظبي – شخصية بارزة في نشاطات المنظمة، التي توسعت في دول الخليج بعد اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال.
وتُعد “حاباد” من أبرز الحركات اليهودية المتطرفة، ذات النفوذ الكبير في مجالات الدين والسياسة والجيش.
النشأة والتاريخ
تأسست منظمة “حاباد” عام 1775 على يد الحاخام شنيور زلمان ليادي في روسيا، كحركة صوفية حسيدية تُركز على التعاليم الدينية العميقة المتمثلة في الحكمة (حوكماه)، الفهم (بيناه)، والمعرفة (دآت).
وخلال القرن العشرين؛ انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث أصبح مقرها الرئيسي في بروكلين بنيويورك.
وقاد المنظمة الحاخام مناحيم مندل شنايرسون، الذي يعتبره أتباعه “المسيح المنتظر”، مما عزز من طابعها الديني المميز وأضفى عليها طابعاً شبه مقدس بين أتباعها.
الانتشار والنفوذ
تعد “حاباد” اليوم واحدة من أكثر الحركات اليهودية انتشاراً حول العالم، حيث يُقدر عدد أتباعها بنحو 95 ألف شخص.
وتمتلك المنظمة مراكز في أمريكا الشمالية وأوروبا، إلى جانب تواجدها في إسرائيل والإمارات، حيث أنشأت مراكز دينية ومجتمعية لخدمة الجالية اليهودية.
ومركز المنظمة الرئيسي في إسرائيل هو مستوطنة “كفار حاباد”، القريبة من تل أبيب، وهي مستوطنة مغلقة لأتباع الحركة.
دورها السياسي
رغم جذورها الصوفية؛ تحولت “حاباد” إلى لاعب سياسي مؤثر منذ منتصف التسعينيات. ففي عام 1996، لعبت دوراً بارزاً في دعم بنيامين نتنياهو خلال الانتخابات الإسرائيلية بشعارات دينية مثل “نتنياهو بمشيئة الله”.
وتمثل المنظمة ذراعاً أيديولوجياً لليمين المتطرف، حيث تدعم سياسات التوسع الاستيطاني وضم الأراضي، وترفض أي حلول سياسية مع الفلسطينيين.
ومن خلال شبكتها الواسعة؛ تمارس المنظمة تأثيراً غير مباشر في صياغة الخطاب القومي المتطرف في إسرائيل، عبر تقديم التمويل والدعم اللوجستي.
كما تشكل “حاباد” حلقة وصل بين التيار الديني والسياسي في “إسرائيل”، وهو ما يظهر في تقرب قادة الكيان منها، بمن فيهم العلمانيون، لأخذ المشورة في القرارات المصيرية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بـ”أرض إسرائيل” وتوسيع المستوطنات.
التأثير العسكري والتربوي
تُعتبر “حاباد” شريكاً غير رسمي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث تسيطر على معظم الفعاليات التربوية الدينية الموجهة للجنود.
وتمول المنظمة هذه الفعاليات عبر التبرعات، مما يسمح لها بزرع أيديولوجيات دينية متطرفة داخل المؤسسة العسكرية.
وخلال العدوان على غزة؛ ظهرت شعاراتها على دبابات الجيش، بل ورفعت أعلامها على منازل مدمرة في بيت حانون شمال غزة.
الموقف من الفلسطينيين
تتخذ منظمة “حاباد” موقفاً متشدداً تجاه الفلسطينيين، إذ لا تعترف بوجودهم كشعب أصيل في المنطقة، وتدعو إلى طردهم من الأراضي المحتلة، وترفض أي اتفاقيات سلام تمنح الفلسطينيين حقوقاً أو أجزاء من الأراضي، وتروج لفكرة أن “أرض إسرائيل” بالكامل، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، هي حق تاريخي وديني لليهود فقط.
واستغلت المنظمة العدوان الأخير لتعميق نفوذها من خلال تنظيم احتفالات دينية داخل المناطق المحتلة مثل بيت حانون، ورفعت شعاراتها التي تمجد الاحتلال، وتروج لإعادة بناء “الهيكل الثالث”، وقامت بجمع التبرعات لتلبية احتياجات الجنود، ما يعكس تحالفاً أيديولوجياً بين المنظمة والجيش الإسرائيلي، في إطار رؤية دينية توسعية تبرر الاحتلال والاستيطان كواجب ديني وقومي.
التوسع في الخليج
مع توقيع اتفاقيات التطبيع بين الإمارات و”إسرائيل” أصبح وجود منظمة “حاباد” علنياً في الإمارات، حيث أنشأت مراكز دينية مجتمعية تقدم خدمات للجالية اليهودية، بما في ذلك الطعام الكوشير (المباح في الديانة اليهودية) وتنظيم الفعاليات الدينية.
ومؤخرا؛ كشفت حادثة مقتل الحاخام زفي كوغان عن تعقيد العلاقة بين المنظمة وبيئاتها الجديدة في الخليج، حيث وُصف مقتله بـ”عمل شنيع من الإرهاب المعادي للسامية” من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وأثار وجود “حاباد” في الإمارات جدلاً حول دور المنظمة في تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة تحت غطاء ديني.