ماذا تعرف عن المحكمة الجنائية الدولية؟ 7 أسئلة تشرح ذلك
السبيل – خاص
في ظل تواصل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة؛ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
ورغم أن هذه الخطوة غير المسبوقة تثير الأمل لدى الكثيرين في تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين، إلا أنها تضع المحكمة أمام اختبار صعب؛ فمع التجاهل الإسرائيلي المعتاد لقرارات الهيئات الدولية، والتواطؤ الواضح من دول كبرى؛ تتجدد التساؤلات حول قدرة المحكمة الجنائية الدولية على تنفيذ مذكرات الاعتقال فعليًا، ومدى تأثير هذه القرارات في منع الإفلات من العقاب.
ولكن.. ماذا نعرف عن المحكمة الجنائية الدولية، نشأتها واختصاصاتها القانونية، ومرجعيتها، وأهميتها؟ وما هي أهم التحديات التي تعوقها، خصوصًا فيما يتعلق بمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين؟
(1) كيف نشأت المحكمة الجنائية الدولية؟
تأسست المحكمة الجنائية الدولية بموجب “نظام روما الأساسي” الذي أُقر في 17 تموز/يوليو 1998، استجابةً للحاجة إلى هيئة قضائية دائمة تتصدى لأخطر الجرائم الدولية، بعد إخفاق المحاكم المؤقتة مثل تلك التي أُنشئت للنظر في جرائم الإبادة الجماعية في رواندا والبوسنة والهرسك.
ودخل النظام حيز التنفيذ في 1 تموز/يوليو 2002 بعد تصديق 60 دولة، مما مهد الطريق لبدء عمل المحكمة كمؤسسة مستقلة تسعى لتعزيز سيادة القانون الدولي ومنع الإفلات من العقاب.
(2) ما الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية؟
تُعنى المحكمة بالتحقيق والمقاضاة في الجرائم الأكثر خطورة التي تُهدد الإنسانية، وتشمل:
– الإبادة الجماعية: أي أفعال تهدف إلى القضاء على جماعة قومية أو عرقية أو دينية بشكل كامل أو جزئي.
– الجرائم ضد الإنسانية: أفعال تُرتكب في سياق هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضد السكان المدنيين، مثل القتل والتعذيب والتهجير القسري.
– جرائم الحرب: انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة، مثل استهداف المدنيين أو استخدام أسلحة محظورة.
– جرائم العدوان: شن هجوم عسكري ينتهك سيادة دولة أخرى أو ميثاق الأمم المتحدة.
(3) ما مرجعية المحكمة الجنائية الدولية؟
تستمد المحكمة شرعيتها من نظام روما الأساسي الذي يُحدد اختصاصها وإجراءاتها. وهي مستقلة عن الأمم المتحدة، لكنها تتعاون معها، خاصة عبر مجلس الأمن الذي يمكنه إحالة قضايا إلى المحكمة.
وعلى الرغم من استقلاليتها؛ فإن المحكمة تعتمد بشكل كبير على تعاون الدول الأعضاء لتنفيذ مذكرات الاعتقال وأوامر المحاكمة، مما يجعلها عرضة للتحديات عندما تتعامل مع دول ترفض التعاون، مثل “إسرائيل” والولايات المتحدة.
(4) ما أهمية المحكمة الجنائية الدولية؟
تلعب المحكمة دورًا أساسيًا في تعزيز العدالة الدولية، ومكافحة الإفلات من العقاب. وتتمثل أهميتها في:
– محاسبة الأفراد المسؤولين عن الجرائم الكبرى: بغض النظر عن مناصبهم أو جنسياتهم.
– ردع الجرائم المستقبلية: من خلال تقديم مرتكبي الجرائم للمحاكمة، تُرسل رسالة واضحة بأن الجرائم ضد الإنسانية لن تمر دون عقاب.
– تعزيز سيادة القانون الدولي: من خلال سوابقها القانونية التي تُثري النظام القضائي الدولي.
– تحقيق العدالة للضحايا: عبر توفير منصة لرفع الصوت ضد مرتكبي الجرائم الجسيمة.
– المساهمة في بناء السلام: من خلال تعزيز الثقة في آليات العدالة بعد انتهاء النزاعات.
(5) ما الفرق بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية؟
رغم أن كلتا المحكمتين تعملان لتحقيق العدالة الدولية، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما:
الاختصاص القضائي:
– المحكمة الجنائية الدولية تختص بملاحقة الأفراد المتهمين بجرائم دولية، مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
– محكمة العدل الدولية تختص بالفصل في النزاعات القانونية بين الدول ذات السيادة، وتقديم الفتاوى القانونية بناءً على طلب مؤسسات دولية.
التبعية:
– المحكمة الجنائية الدولية هيئة مستقلة، لكنها تتعاون مع الأمم المتحدة.
– محكمة العدل الدولية هي أحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية وتعمل بموجب ميثاقها.
الطرف المتهم:
– في المحكمة الجنائية الدولية، يُحاكم الأفراد.
– في محكمة العدل الدولية، تكون النزاعات بين الدول فقط.
(6) ما أبرز التحديات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية؟
رغم أهمية المحكمة الجنائية الدولية؛ إلا أنها تواجه تحديات عديدة تُقوض دورها، أبرزها:
– غياب التعاون الدولي: فالمحكمة تعتمد على تعاون الدول لتنفيذ مذكرات الاعتقال، وغياب هذا التعاون يجعلها عاجزة أمام رفض بعض الدول مثل “إسرائيل”.
– رفض الاعتراف بسلطتها من دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، والتي لم تُوقع على نظام روما الأساسي، مما يحد من قدرة المحكمة على ملاحقة المسؤولين في هذه الدول.
– تسييس العدالة الدولية: حيث تُتهم المحكمة بالانتقائية، حيث يلاحظ تركيزها على القضايا الإفريقية بينما تغض الطرف عن انتهاكات ارتكبتها دول غربية وحلفاؤها.
– الضغوط السياسية والمالية: حيث الدول الأعضاء هي المصدر الرئيسي لتمويل المحكمة، مما يجعلها عرضة للتأثيرات السياسية.
– تحدي التنفيذ: فالمحكمة لا تمتلك قوة شرطية خاصة بها، مما يجعل تنفيذ الأحكام أمرًا معقدًا ومشروطًا بإرادة الدول.
(7) لماذا تعجز المحكمة عن محاسبة المسؤولين الإسرائيليين؟
رغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية لمذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، إلا أن تنفيذ هذه القرارات يظل شبه مستحيل في ظل الظروف الحالية، للأسباب الآتية:
– رفض “إسرائيل” الاعتراف بسلطة المحكمة، فهي ليست طرفًا في نظام روما الأساسي، وتُعارض أي تحقيق أو محاكمة تخص مسؤوليها.
– تمتع “إسرائيل” بدعم قوي من دول كبرى، مثل الولايات المتحدة، التي تُعرقل أي مساعٍ لمحاسبتها دوليًا.
– اعتماد المحكمة على الدول الأعضاء لتنفيذ أوامر الاعتقال، فيما تتجاهل الدول الأعضاء المتحالفة مع إسرائيل هذه الأوامر.
– ازدواجية المعايير الدولية، حيث يبرز التسييس في العدالة الدولية بوضوح عندما يتعلق الأمر بـ”إسرائيل”، وتُغضّ الأنظار عن جرائمها رغم الأدلة الواضحة.