شمال غزة يباد.. أحلام العودة تصطدم بواقع الحصار والدمار
السبيل – تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات نسف وتفجير بمخيم جباليا والمناطق المحيطة به شمال قطاع غزة، منذ انطلاق العملية العسكرية في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، متسببة بدمار واسع النطاق وخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
شهود عيان أكدوا أن أصوات التفجيرات تُسمع بجميع أنحاء مدينة غزة والمناطق الشمالية، ما أدى إلى تدمير منازل المواطنين، والمحال التجارية، والبنية التحتية بشكل شبه كامل.
وفي الأسابيع الأخيرة، أجبرت قوات الاحتلال عشرات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح قسرا من محافظة شمال قطاع غزة إلى مدينة غزة.
ورغم نزوحهم، يظل الأهالي بأقرب نقطة للمحافظة، على أمل العودة قريبا إلى منازلهم، لكن هذا الأمل يتضاءل مع ازدياد وتيرة التفجيرات والنسف التي تطال المنطقة.
ويتشكل قطاع غزة من 5 محافظات، هي من الجنوب إلى الشمال، رفح، وخان يونس، والوسطى، وغزة، وشمال غزة.
وضمن ما يعرف بـ”خطة الجنرالات”، بدأ جيش الاحتلال في 5 أكتوبر عملية برية واسعة بمحافظة شمال غزة بزعم “منع حركة حماس من استعادة قوتها هناك”، وكشفت وسائل إعلام عبرية لاحقا أنه يسعى لفصل الشمال عن محافظة غزة، وعدم السماح بعودة النازحين.
منازل العمر
هاشم التلي، أحد النازحين من حي “تل الزعتر” شمال شرق مخيم جباليا، يعيش حاليا مع عائلته المكونة من 10 أفراد بخيمة بحي “الشيخ رضوان” شمال مدينة غزة.
وقال التلي: “كلما أسمع أصوات التفجيرات، أشعر أنني فقدت منزلي للأبد، المنزل الذي استغرق بناءه أكثر من 40 عاما من العمل الشاق”.
وأضاف: “هذه التفجيرات تحدث ارتدادات وكأنها زلازل، وتدمر عشرات المنازل بكل مرة(..) خسارة المنزل لا تعوض، لأنه ليس مجرد مكان؛ إنه حياة مليئة بالذكريات”.
نوايا تهجير وفصل
أما أدهم غباين، النازح إلى مدينة غزة من “مشروع بيت لاهيا”، يرى أن عمليات النسف تعكس نية إسرائيل إقامة منطقة عازلة وفصل شمال القطاع عن بقية مناطقه.
وقال غباين: “الاحتلال يريد تهجيرنا بشكل دائم، ظروفنا بالخيام مأساوية، لا طعام صحي، ولا مأوى ملائم وسط البرد والأمطار، لكننا نتمسك بالأمل في العودة”.
وتابع: “الحنين يرافقني بكل دقيقة، وأتمنى أن أتمكن من العودة إلى منزلي بأقرب وقت، وأن أراه سالما وغير مدمر، ليكون مأوى لي ولعائلتي”.
وكان عدد سكان محافظة شمال غزة، المكونة من بلدات جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، نحو 200 ألف مواطن، لكن بسبب التهجير القسري وعمليات الإبادة، انخفض العدد المتبقي إلى حوالي 80 ألفا، في حين لجأ الباقون للنزوح قسرا إلى محافظة مدينة غزة، الأقرب إلى الشمال.
دمار هائل
ورغم نزوح عشرات الآلاف من شمال قطاع غزة، لا يزال العديد من السكان يرفضون مغادرة منازلهم، هؤلاء يشهدون عن كثب حجم الدمار الذي تسببت فيه عمليات التفجير والنسف.
من داخل “مشروع بيت لاهيا”، قال الشاب رياض محمود: “كل صباح نصحو على دمار جديد سببه التفجيرات الليلية، لم تسلم أي منطقة في شمال قطاع غزة من هذا الخراب”.
وأكد محمود أن من تبقى في شمال القطاع يعيش وسط مشاهد يومية من الدمار والخراب، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل الحصار المشدد والقصف المستمر وشح الطعام والدواء وعدم توفر أي فرق إنقاذ.
واستفحلت المجاعة في جل مناطق القطاع جراء الحصار الإسرائيلي، لا سيما في الشمال إثر الإمعان في الإبادة والتجويع، بينما تعيش مناطق القطاع كافة كارثة إنسانية غير مسبوقة، تزامنا مع حلول فصل الشتاء للعام الثاني تواليا على نحو مليوني نازح فلسطيني، معظمهم يفترشون الخيام.
ويعاني الفلسطينيون في غزة سياسة تجويع جراء شح في المواد الغذائية بسبب عرقلة دولة الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بحسب تأكيدات مؤسسات أممية ودولية عديدة.
ويطالب المجتمع الدولي دولة الاحتلال بتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة لمنع حدوث مجاعة، لكن دون جدوى.
وبدعم أمريكي ترتكب دولة الاحتلال منذ 7 أكتوبر2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل دولة الاحتلال مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة. وكالة الأناضول