وحدة “سهم” في غزة.. استجابة أمنية استثنائية لأزمة متفاقمة

السبيل – خاص

في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة لأكثر من 400 يوم، والذي أدى إلى أزمات إنسانية وأمنية غير مسبوقة؛ بادرت وزارة الداخلية في القطاع إلى تشكيل وحدة شرطية خاصة تُعرف باسم “وحدة سهم”، وذلك لفرض النظام في الأسواق والطرق الرئيسية وحماية شاحنات المساعدات.

وتتحرك “وحدة سهم” المكونة من عناصر شرطية ومتطوعين مدربين، بلباس مدني؛ لتجنب الاستهداف الإسرائيلي، وهي مجهزة بأسلحة خفيفة. وتركز مهامها على حماية الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، وضمان وصولها إلى المخازن المخصصة لتوزيعها على المستحقين.

كما تعمل في الأسواق لضبط الأسعار المرتفعة التي حرمت الكثير من المواطنين من تأمين احتياجاتهم اليومية.

ضربات موجعة لعصابات النهب

وبالتعاون مع لجان عشائرية؛ نفذت وحدة “سهم” عملية أمنية واسعة ضد العصابات التي نهبت شاحنات المساعدات تحت حماية الاحتلال الإسرائيلي.

وأسفرت الحملة عن مقتل أكثر من 20 عنصراً من هذه العصابات، وتفكيك عدد من شبكات السطو التي كانت تعيق وصول المساعدات إلى المستحقين.

وأكدت مصادر في وزارة الداخلية أن الحملة الأمنية لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستتوسع لتشمل “جميع المتورطين في هذه الأعمال الإجرامية”.

وأكدت المصادر أن هذه الحملة تستهدف القضاء على ظاهرة نهب الشاحنات، التي أثرت بشكل كبير على المجتمع وخلقت أزمة إنسانية خطيرة جنوب القطاع، مشددة على أن الإجراءات الأمنية لا تستهدف عشائر بعينها، بل تركز على العناصر الخارجة عن القانون التي استغلت الأزمة للقيام بأعمال إجرامية.

دور الاحتلال في تأجيج الأزمة

من جهتها؛ كشفت تقارير محلية ودولية عن دور الاحتلال الإسرائيلي في تشجيع العصابات المنظمة في غزة على سرقة المساعدات.

فوفقاً لتقارير أممية وشهادات منظمات إغاثة؛ فإن هذه العصابات تعمل بحرية في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، بل وتتلقى حماية وتوجيهًا من ضباط الشاباك.

وأكدت مذكرة داخلية للأمم المتحدة أن قائد إحدى العصابات، ياسر أبو شباب (الذي قتلته وحدة سهم في عمليتها الأخيرة) أنشأ قاعدة عسكرية في منطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية، حيث يُدير عمليات النهب المنظمة.

وأشارت التقارير أيضاً إلى أن قوات الاحتلال غالبًا ما تكون شاهدة على عمليات النهب دون أن تتدخل، حتى عندما يُطلب منها المساعدة.

كما وثقت 29 منظمة دولية، أبرزها “أوكسفام” و”أطباء العالم” والمجلس النرويجي للاجئين، استهداف الاحتلال قوات الشرطة الفلسطينية التي تحاول تأمين شاحنات المساعدات، مما يعزز حالة الفوضى في القطاع.

ولفتت إلى أن عمليات النهب المتكررة تتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أصبحت هذه الظاهرة عائقًا رئيسيًا أمام وصول المساعدات إلى المحتاجين، مبينة أنه في بعض الحالات تعرض سائقو الشاحنات للقتل أو الاختطاف أثناء نقل المساعدات.

وأدانت المنظمات سياسات الاحتلال التي تُشجع على نهب المساعدات الإنسانية في غزة، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ خطوات جدية لوقف استهداف القوات الشرطية الفلسطينية والسماح لها بأداء دورها في تأمين المساعدات.

خطوة ضرورية في ظل استمرار العدوان

على الرغم من العقبات الكبيرة، بما في ذلك استهداف الاحتلال للعناصر الأمنية؛ تبذل الحكومة في غزة جهودًا حثيثة لضبط الأمن ومعالجة الأزمة، ما استدعى تشكيل وحدة “سهم” الأمنية.

وأشارت مصادر رسمية إلى أن العديد من أفراد العصابات سلموا أنفسهم للأجهزة الأمنية، معبرين عن ندمهم، وتعهدوا بعدم تكرار هذه السلوكيات.

كما حرصت حكومة غزة على إشراك الفصائل الفلسطينية في خططها الأمنية، مما ساهم في تعزيز الموقف الوطني الموحد لمواجهة التحديات.

وتعد الأزمات التي تواجهها غزة، سواء الأمنية أو الإنسانية، نتيجة مباشرة للعدوان الإسرائيلي المتواصل، وسياسات الاحتلال في تشديد الحصار واستهداف المكونات الأمنية والخدماتية، ما يعني أن الحل الجذري لهذه الأزمات يكمن في إنهاء العدوان الإسرائيلي، ورفع الحصار المفروض على القطاع.

وحتى ذلك الحين؛ تبقى المبادرات المحلية مثل تشكيل “وحدة سهم” والحملات الأمنية ضد العصابات خطوات ضرورية ومهمة لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وحماية حقوقه الإنسانية، في ظل واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في العالم.