هدية وهمية
كاتب المقال : مهند أبو فلاح
المعلومات التي رشحت حتى هذه اللحظة عن تقديم حكام تل أبيب هدية لإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب مؤخرا دونالد ترامب حول مشروع لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وإيقاف الحرب الدائرة على هذه الجبهة بعد شهرين من الآن في كانون الثاني / يناير المقبل، لا تعدو كونها في أحسن الحالات مناورة مكشوفة لكسب الوقت، وإطالة أمد العدوان الذي تشنه الدويلة العبرية المسخ على هذا القطر العربي الشقيق على غِرار ما يحدث في قطاع غزة الصامد المجاهد .
العدو الصهيوني يتبع استراتيجية تقوم على التفاوض تحت النيران؛ لفرض شروط وإملاءات على الحكومة اللبنانية أقل ما يقال عنها بأنها مجحفة ظالمة بكل المقاييس والمعايير تتجاوز إلى حد بعيد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الصادر في أعقاب حرب تموز / يوليو من العام 2006 لجهة إجبار المقاومة اللبنانية على الانكفاء الى الشمال من نهر الليطاني، بعيدا عن المناطق الحدودية المتاخمة لشمال فلسطين المحتلة، ناهيك عن انتشار الجيش اللبناني تحت إشراف امريكي بريطاني مشترك جنوبي الليطاني .
التفاهمات التي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة الفاشية لفرضها على جبهتها الشمالية تحمل في طياتها خطورة كبيرة على السلم الداخلي في بلاد الارز، لجهة احتمال انفجار صراع عنيف ودموي بين مكونات النسيج الاجتماعي اللبناني في حال انسحاب رجال المقاومة من جنوبي لبنان، وإعادة انتشارهم إلى الشمال من نهر الليطاني؛ بحيث تفقد هذه المقاومة مبررات وجودها المسلح على الأرض في بلدٍ يعاني من فراغ رئاسي منذ سنوات، ما يزيد الطين بِلة ويضاعف من الضغط على حزب الله العامود الفقري لهذه المقاومة .
على ضوء ما تقدم يظهر واضحا جليا للمراقبين والمحللين المنصفين للشأن اللبناني أن ما يسعى إليه حكام تل أبيب بالاشتراك مع الإدارة الأمريكية لا يعدو كونه في أحسن الحالات هدية وهمية تندرج في إطار حملة العلاقات العامة التي يسوق من خلالها الكيان الصهيوني أكذوبة كبرى عنوانها العريض تحميل حزب الله اللبناني مسؤولية استمرار الحرب إن رفض هذا الاقتراح؛ وبالتالي فتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من التدخل الخارجي الغربي في شؤون لبنان الداخلية من جهة، ومن جهة أخرى تفجير التناقضات بين مختلف الفرقاء والأطراف في هذا المجتمع العربي المتنوع طائفياً.