“طوفان الأقصى” وحرب غزة بين قمتين.. ما الجديد؟
السبيل – خاص
لم يشكل المؤتمران العربيان – الإسلاميان، المنعقدان في الرياض خلال فترة ما بعد “طوفان الأقصى”، نقطة انطلاق لتحرك عملي نحو دعم الفلسطينيين، ووضع حد لحرب الإبادة التي شنتها “إسرائيل” على قطاع غزة، والتي طالت النساء والأطفال وكل شيء. فعلى الرغم من الاهتمام الإعلامي المتزايد والضغوط الشعبية لاتخاذ خطوات حاسمة؛ إلا أن معظم القرارات الصادرة عن هذه القمم لم ترقَ بعد إلى مستوى الإجراءات الملزمة على الأرض.
المشترك بين قمتي 2023 و2024
تعبّر القمم العربية المتعاقبة عن مواقف ثابتة نحو القضية الفلسطينية، حيث تُعاد صياغة المبادئ نفسها المتعلقة بالدعم السياسي والاقتصادي، والتمسك بحقوق الفلسطينيين.
وتظل هذه القرارات المشتركة تأكيدا شكليا لالتزام عربي مُوحّد في الخطاب والموقف، على الرغم من الأحداث المتغيرة على الأرض.
وتشابهت قرارات القمتين بشكل كبير، حيث أكدت على دعم القضية الفلسطينية، والتأكيد على الحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها “القدس الشرقية”، ورفض الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، والتشديد على ضرورة أن تتحمل إسرائيل مسؤولياتها كقوة محتلة بموجب القانون الدولي.
إضافة إلى ما سبق؛ أكدت القمتان على مبدأ حل الدولتين كأساس لتحقيق سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، خصوصًا في غزة والقدس والضفة الغربية، بما في ذلك الاستيطان وتهجير السكان، ودعت إلى تقديم الدعم المالي والسياسي لفلسطين لمساعدتها في مواجهة الاحتلال.
ما الجديد في قمة الرياض 2024؟
- الضغط على إسرائيل: في قمة 2024، تم التأكيد بشكل أقوى على ضرورة فرض ضغوط دولية على “إسرائيل”، بما في ذلك الدعوة إلى تحقيق محاسبة دولية للاحتلال على انتهاكاته المستمرة.
وبينما كان هذا الموضوع مذكورًا بشكل عام في قمة 2023، كانت قمة 2024 أكثر تحديدًا في الدعوة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة من المجتمع الدولي.
- محاسبة المسؤولين الإسرائيليين: اتخذت قمة 2024 خطوة أكثر تحديدًا بشأن ضرورة محاكمة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني. هذا المطلب لم يكن موجودًا في قمة 2023.
- التأكيد على البعد الإنساني: في قمة 2024، تم تسليط الضوء بشكل أكبر على الأبعاد الإنسانية للأزمة الفلسطينية، مع التأكيد على تقديم المساعدات الطبية والإنسانية بشكل أكثر تفصيلًا.
وبينما كانت الإشارة إلى الدعم الإنساني موجودة في قمة 2023؛ فإن قمة 2024 كانت أكثر تركيزًا على هذا البعد في سياق الوضع المتدهور في قطاع غزة.
- الدعوة إلى اتخاذ إجراءات عملية: جاءت قمة 2024 بدعوات أكبر لتفعيل القرارات الأممية ضد “إسرائيل”، وهو ما لم يكن حاضرًا بمثل هذا المستوى في قمة 2023.
لا نتائج ملموسة!
لقد شكّل “طوفان الأقصى” نقطة تحول كبرى في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث أطلق شرارة غضب عالمي، تفاعلت معها شعوب العالم بالتضامن مع الشعب الفلسطيني ضد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها في غزة، وتزايدت الدعوات من مختلف الأطياف الشعبية والمؤسسات الحقوقية لموقف حازم من قبل الدول العربية لدعم الشعب الفلسطيني فعلياً، بما يتجاوز حدود البيانات والقرارات. وتبقى التحديات أمام تحقيق هذه المطالب قائمة، إذ تظهر معضلة كبيرة في ترجمة التوجهات السياسية إلى أفعال ملموسة وقرارات فعالة تضع حدًا لمعاناة الفلسطينيين، خاصة في ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة الناتجة عن الحصار وحرب الإبادة.
على الرغم من أن قمة الرياض 2024 قد قدمت بعض التطورات في مواقفها النظرية التي سبقت الإشارة إليها؛ إلا أن الحقيقة تبقى أن القرارات التي تم اتخاذها في القمتين لم تترجم إلى نتائج ملموسة على الأرض، وما زالت غزة تتعرض لحرب إبادة غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي – الفلسطيني، في وقت يشهد فيه المجتمع الدولي تأخرًا في تطبيق القرارات الأممية، مما يثير خيبة أمل كبيرة في تنفيذ القرارات المتخذة في القمتين.