كيف تعامل ترمب مع الملفات الساخنة خلال ولايته السابقة؟
السبيل- رصد
خلال فترة رئاسة دونالد ترمب السابقة للولايات المتحدة (2017-2021)، شهدت السياسة الخارجية الأمريكية تحولات كبيرة في عدة ملفات مهمة، بما في ذلك القضية الفلسطينية، والعلاقات مع كل من دول الخليج وإيران وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، والصناعات العسكرية الأمريكية.
إليك أبرز السياسات التي انتهجها ترمب في هذه الملفات:
القضية الفلسطينية.. صفقة القرن والتطبيع
- صفقة القرن: أعلن ترمب في يناير 2020 عن خطة لـ”السلام” بين “إسرائيل” والفلسطينيين تُسمى “صفقة القرن”. الخطة كانت منحازة تماما لصالح “إسرائيل”، ورغم أنها اقترحت ما يسمى بـ”حل الدولتين”، إلا أنها قدمت عديد التنازلات لصالح “تل أبيب” في العديد من الملفات الحساسة، مثل:
1- القدس، حيث اعترف ترمب في ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها في مايو 2018، وهو ما أحدث توترا كبيرا في العالم العربي والإسلامي.
2- الحدود، إذ اقترحت الخطة ضم إسرائيل مناطق واسعة من الضفة الغربية، بما في ذلك مناطق المستوطنات، بما يتناقض مع مطالب السلطة الفلسطينية بتأسيس دولة في حدود ما قبل 1967.
3- اللاجئين، حيث رفضت الخطة العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة، أو منحهم أي حق في العودة.
4- السيادة الفلسطينية، حيث قررت الخطة أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السيادة الكاملة، مع سيطرة إسرائيلية على مناطق واسعة.
5- اتفاقات أبراهام، التي سعى ترمب من خلالها إلى توسيع دائرة تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية. وقد نجح في توسيع اتفاقات التطبيع مع الإمارات و البحرين و السودان والمغرب عام 2020، وهو ما اعتبره إنجازا دبلوماسيا كبيرا.
وتمحورت هذه الاتفاقات حول فتح العلاقات الدبلوماسية والتعاون في مجالات الأمن والاقتصاد مع “إسرائيل”، لكن دون حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولاقت الاتفاقات احتجاجات واسعة من الفلسطينيين والعرب، الذين اعتبروها اختراقا إسرائيليا للمنطقة العربية، وتحقيقا لمطامع الاحتلال في خيراتها دون أي مقابل.
6- الضغط على الفلسطينيين، فقد قامت سياسة على الضغط على السلطة الفلسطينية لتقديم تنازلات، حيث قطع المساعدات الأمريكية عن وكالة الأونروا، وأوقف التمويل للسلطة الفلسطينية.
العلاقات مع الخليج وصفقات الأسلحة
عمل ترمب خلال فترة رئاسته السابقة على تعزيز العلاقات مع دول الخليج، وخصوصا السعودية والإمارات، حيث كان هناك توافق مشترك على مكافحة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وفي فترة ترمب؛ زادت صفقات الأسلحة مع دول الخليج بشكل كبير. فعلى سبيل المثال؛ حصلت السعودية على أسلحة بمليارات الدولارات، بما في ذلك معدات دفاعية متقدمة. وشكلت هذه الصفقات جزءا من تعزيز التحالفات العسكرية في مواجهة إيران.
كما أن الإمارات حصلت على طائرات مسيرة وأنظمة دفاع جوي وصواريخ متطورة.
وفي السياق ذاته؛ دعم ترمب السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن، وتعرض لانتقادات واسعة بسبب دعم التحالف العسكري السعودي في الحرب، التي أسفرت عن كارثة إنسانية.
إيران.. سياسة “الضغط الأقصى”
أما في الملف الإيراني؛ فقد قرر ترمب في مايو 2018 الانسحاب أحاديا من الاتفاق النووي الإيراني (الاتفاق الشامل بشأن البرنامج النووي الإيراني 2015) الذي وقعته إدارة أوباما.
وبعد الانسحاب؛ أعلن ترمب عن عقوبات اقتصادية شديدة ضد إيران، في سياسة أطلق عليها “الضغط الأقصى”، كان الهدف منها إجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها النووي وبرامجها الصاروخية.
وفي يناير 2020، أمر ترمب باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في بغداد، وهو ما أثار توترات كبيرة في المنطقة.
في مقابل ذلك؛ دعم ترمب حلفاء إقليميين، مثل إسرائيل والسعودية و الإمارات، في مواجهة إيران، بما في ذلك تقديم دعم عسكري واستخباراتي.
روسيا.. علاقة غير مستقرة
على الرغم من انتقادات وزارة الداخلية الأمريكية لـ”التدخل الروسي” في الانتخابات، إلا أن ترمب أظهر علاقة غير تقليدية مع فلاديمير بوتين، حيث كان يُظهر في العديد من المناسبات رغبة في تحسين العلاقات مع روسيا. وكان يصر على أن روسيا لا تشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي الأمريكي، في مقابل سلوك أكثر تشددا تجاه الصين.
ومع ذلك؛ فقد فرض ترمب عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب عدة قضايا، مثل التدخل في الانتخابات الأمريكية، وضم القرم إلى روسيا عام 2014، إلا أن الإدارة الأمريكية لم تتخذ خطوات تصعيدية كبيرة ضد موسكو.
الصين: سياسة “الحرب التجارية”
بدأ ترمب حربا تجارية مع الصين عام 2018، حيث فرض رسوما جمركية على واردات صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات. وكان الهدف من هذه الحرب؛ تقليص العجز التجاري بين البلدين، ووقف الممارسات التجارية التي وصفها بـ”غير العادلة” من الصين، مثل سرقة الملكية الفكرية.
وفرض ترمب أيضا عقوبات على الشركات الصينية، مثل هواوي وتيك توك، متذرعا بـ”مخاوف أمنية” تتعلق بالتجسس والتهديدات المحتملة للأمن القومي الأمريكي.
كما ضغط ترمب على دول أخرى لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع الصين، وخاصة في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة.
الاتحاد الأوروبي.. التوترات والشراكة الانتقائية
نظر ترمب إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره منافسا اقتصاديا، وكان دائم الانتقاد له، شاكيا من اتخاذه “مواقف تجارية عدائية” تجاه الولايات المتحدة.
ودعا ترمب دول الناتو، ولا سيما الدول الأوروبية، إلى زيادة ميزانياتها الدفاعية والالتزام بتعهدات الإنفاق على الدفاع (2% من الناتج المحلي الإجمالي)، حيث كان يرى أن الولايات المتحدة تتحمل العبء الأكبر في تمويل حلف الناتو.
وانسحب ترمب من عديد الاتفاقات الدولية مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الاتفاق النووي مع إيران، واتفاق باريس للمناخ. كما هدد بفرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية.
الصناعات العسكرية خارج الحدود
كان ترمب من أكبر المؤيدين لتوسيع صادرات الأسلحة الأمريكية إلى الدول الحليفة في الشرق الأوسط وآسيا، حيث كانت السعودية والإمارات من أكبر المشترين لهذه الأسلحة خلال فترة ولايته. وتضمنت هذه الصفقات أسلحة متقدمة مثل الصواريخ، والطائرات الحربية، والطائرات المسيرة.
وفي ضوء التوترات مع الصين؛ شكلت الأسواق العسكرية العالمية خلال فترة ترمب هدفا رئيسيا للصناعات العسكرية الأمريكية، خاصة في منطقة المحيط الهادئ وآسيا، حيث كانت واشنطن تسعى لموازنة النفوذ العسكري للصين.
يشار إلى أن سياسات ترمب كانت جزءا من استراتيجيته التي أطلقها تحت عنوان “أمريكا أولاً” والتي كانت تركز على تقليل الالتزامات الدولية لصالح المصالح الأمريكية، خصوصا على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.