من هو وزير الحرب الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس؟
السبيل
في خطوة مفاجئة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الخامس من نوفمبر 2024 إقالة وزير الحرب يوآف جالانت، ليعين بدلاً منه يسرائيل كاتس، أحد أبرز أعضاء حزب “الليكود” وأحد أعمدة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
تأكيدًا على العلاقة الوطيدة بين نتنياهو وكاتس، استمرت تحولات الأخير في المناصب لتكريس سياسات شديدة العدائية تجاه الفلسطينيين والعرب بشكل عام.
الوزير المتشدد
يعتبر يسرائيل كاتس أحد الوجوه البارزة في السياسة الإسرائيلية، ولا سيما في حزب “الليكود” الذي يرأسه بنيامين نتنياهو.
تولى كاتس عدة مناصب وزارية حساسة، منها وزارة الخارجية ووزارة المواصلات ووزارة الطاقة.
في 2024، اختاره نتنياهو وزيرًا للحرب في خطوة جاءت وسط تحديات عسكرية وسياسية متصاعدة، ولا سيما بعد الإخفاقات العسكرية في حرب “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر 2023، وفتحت جبهات عسكرية جديدة في لبنان.
وجاء تعيين كاتس وزيراً للحرب، في خطوة تتماشى مع توجهات حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة، خاصة وأن وزير الحرب الجديد من أبرز المناهضين لحل الدولتين ويعتبر أحد أكبر داعمي الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. لقد ارتبطت مسيرة كاتس السياسية بتصريحات ومواقف متطرفة تجاه الفلسطينيين، وهو ما جعله موضع انتقاد كبير في الدوائر الدولية والعربية.
من تلميذ شارون إلى قائد حرب
نشأ كاتس في بيئة صهيونية دينية متشددة. ولد في عسقلان عام 1955، وهو من أصول يهودية رومانية. التحق بالجيش الإسرائيلي في عام 1973 وخدم في لواء المظليين، حيث صقل مسيرته العسكرية.
بداية مشواره السياسي كانت في أواخر الثمانينيات، حيث شغل منصب نائب مدير مكتب أرييل شارون، الذي كان يعتبره مرشده السياسي، ولذلك تبنى مبادئه اليمينية المتشددة، وواصل الدفاع عن سياسات الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وبرز في الساحة السياسية الإسرائيلية كشخصية ذات مواقف عنصرية ومتطرفة ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين.
وعلى مدار مسيرته؛ ظل كاتس يدعو إلى اتخاذ إجراءات قمعية شديدة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك التهجير القسري للمجتمعات الفلسطينية، وهو ما أكدته تصريحاته الأخيرة التي دعت إلى إخلاء مدن الضفة الغربية بشكل مشابه لما حدث في قطاع غزة.
وفي عام 2024، دعا كاتس إلى إجلاء الفلسطينيين من مدن الضفة ومخيماتها، حيث اعتبر أن تلك الخطوة هي “جزء من الحرب على الإرهاب” وأنها ضرورية لـ”إحباط البنية التحتية الإرهابية” في تلك المناطق.
هذه التصريحات جلبت له الكثير من الانتقادات من المنظمات الحقوقية والجهات الدولية التي وصفتها بأنها دعوة لإبادة جماعية وتهجير قسري للفلسطينيين.
فكرة مجنونة
ومن أبرز المشاريع التي اقترحها كاتس هو فكرة إنشاء “جزيرة صناعية” قبالة سواحل قطاع غزة. كانت هذه الفكرة تهدف إلى نقل سكان غزة إليها، مع استبدالهم بمستوطنين يهود.
وطرح كاتس هذه الفكرة خلال اجتماعاته مع نظرائه الأوروبيين في بداية عام 2024، ما أثار جدلاً واسعًا، حيث تم تفسيرها من قبل وسائل الإعلام كدعوة صريحة لتهجير الفلسطينيين من وطنهم.
ورغم أن وزارة خارجية الاحتلال نفت لاحقا أن تكون الفكرة تتضمن تهجير السكان الفلسطينيين بشكل مباشر، مؤكدة أن الحديث كان عن بناء ميناء لغزة على جزيرة صناعية، إلا أن تصريحات كاتس شكلت مادة دسمة للانتقادات، إذ اعتبرت على نطاق واسع بأنها تُظهر رغبة في التخلص من الفلسطينيين وتحويلهم إلى مجرد “لاجئين” في مشاريع غير إنسانية.
التحريض على “الأونروا”
من خلال دوره كوزير للخارجية؛ كان كاتس أحد أبرز المحرضين ضد المنظمات الدولية التي تتعامل مع القضايا الفلسطينية.
وعلى سبيل المثال؛ ففي أكتوبر 2024 أطلق وزير الحرب الجديد حملة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ونجح في دفع الكنيست إلى حظر الوكالة في إسرائيل بعد أن شن هجومًا حادًا ضدها واتهمها بتسهيل “الإرهاب الفلسطيني”.
كما تمادى في تحريضه ضد الأمم المتحدة، حيث أعلن أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أصبح “شخصًا غير مرغوب فيه” في “إسرائيل”، وذلك بسبب ما اعتبره عدم تنديد قوي كافٍ بالهجوم الصاروخي الإيراني على الكيان.
صوت متطرف في حكومة نتنياهو
ويأتي تعيين كاتس في منصب وزير الحرب في سياق تصعيد العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، خاصة في ظل حرب الإبادة على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مئات الآلاف من الضحايا والمشردين.
ومن خلال مواقفه العدائية ضد الفلسطينيين وسعيه الحثيث لتوسيع الاستيطان؛ أصبح كاتس أحد أبرز الشخصيات المتشددة في حكومة الاحتلال، ويُنظر إليه كأداة رئيسية لتنفيذ سياسة رئيسها نتنياهو، والتي تعتمد على استخدام القوة العسكرية والضغط السياسي للحفاظ على هيمنة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
وعبر تنقلاته في المناصب الحكومية المتعددة، سواء في وزارة النقل أو الاستخبارات أو الخارجية أو الحرب؛ أثبت كاتس أنه ليس مجرد سياسي تقليدي، بل أحد الأتباع المخلصين لسياسات اليمين المتطرف، ما سيجعله أحد الأسماء الهامة في تحديد ملامح المستقبل العسكري والدبلوماسي لـ”إسرائيل” في الشرق الأوسط، في وقت يشهد فيه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديات كبرى ومرحلة مفصلية.