نعيم قاسم.. كيميائي وخطيب وقارئ في “ظل الرمز”
بقلم: علي سعادة
تمرس على الخطابة وتحضير دروس الدين في مرحلة مبكرة من حياته.
يوصف بأنه مجتهد وصارم ومتشدد، ومقاتل رغم أنه يرتدي العمامة والجبة.
شغل منصب نائب رئيس حزب الله تحت قيادة عباس الموسوي الذي اغتيل في بيروت عام 1992، ثم لاحقا تحت قيادة حسن نصر الله الذي اغتيل أيضا.
عرف الشيخ نعيم قاسم المولود في عام 1953 في منطقة البسطا التحتا في مدينة بيروت، بأنه قارئ نهم، قرأ الكثير من الكتب الإسلامية، وعرف كخطيب في مراحل مبكرة من عمره، ثم أقام دروسا في المسجد للأطفال ضمن حلقات أسبوعية وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من العمر.
ساهم في تأسيس “الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين” مع مجموعة من الشباب وهو في صفوف الجامعة، بهدف إيصال الأفكار الإسلامية داخل الجامعات وفي المدارس.
درس حتى المراحل العليا في الدراسة الحوزية التي تتلمذ فيها على يد كبار علماء الشيعة في لبنان بالتزامن مع الدراسة الأكاديمية في الجامعة اللبنانية عام 1971، التي حصل منها على الليسانس في الكيمياء باللغة الفرنسية من كلية التربية بالجامعة.
ولاحقا حصل على شهادة الماجستير في الكيمياء من الجامعة اللبنانية عام 1977، ثم امتهن التدريس وعمل معلما للصفوف الثانوية الرسمية لسنوات خلت.
انضم إلى حركة المحرومين، أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) عند تأسيسها على يد الإمام موسى الصدر عام 1974، وحضر الاجتماعات الأولى لإطلاق الحركة في مناطق مختلفة من لبنان.
ترقى في السلم التنظيمي لحركة أمل وكان أحد الأمناء في مجلس قيادة الحركة بعد اختفاء الإمام الصدر في ليبيا، وتسلم حسين الحسيني رئاسة الحركة عام 1978.
استقال من الحركة عقب الثورة الإسلامية الإيرانية التي قامت على يد الخميني في عام 1979، ليتابع دراسته الحوزية ونشاطه الإسلامي في التبليغ في إعطاء الدروس والمحاضرات في عدد من المساجد والحسينيات في بيروت والضاحية الجنوبية.
انصب اهتمام قاسم على التبليغ بشكل مكثف وواسع على امتداد لبنان، مركزا على الدروس الأسبوعية والإرشاد وتأسيس المدارس الدينية.
وفي تلك الفترة بدأت تتبلور فكرة إنشاء حركة مقاومة على أسس جديدة. وبعد لقاءات بين اللجان الإسلامية ومن خلفها حزب الدعوة الإسلامية فرع لبنان، مع علماء البقاع، وحركة أمل في عام 1982، تأسس حزب الله، وكان نعيم قاسم من المشاركين المؤسسين لهذه اللقاءات التي ساهمت في تأسيس الحزب.
دخل قاسم في عضوية مجلس شورى الحزب، وتسلم منصب نائب الأمين العام لحزب الله مع تسلم عباس الموسوي منصب الأمين العام للحزب عام 1991 خلفا للشيخ صبحي الطفيلي، واستمر في المنصب بعد مقتل الموسوي الذي خلفه حسن نصر الله عام 1992.
وترأس قاسم مجلس العمل النيابي في حزب الله، الذي يتابع كتلة الوفاء للمقاومة وعمل النواب التشريعي وحركتهم السياسية.
ويرأس أيضا هيئة العمل الحكومي المعنية بمتابعة الوزارات المختلفة ودراسة هيكلياتها وقراراتها، وكذلك متابعة وزراء حزب الله في الحكومة. وهو المنسق العام للانتخابات النيابية في حزب الله منذ أول انتخابات نيابية عام 1992 حتى الآن.
له أكثر من 28 مؤلفا غالبيتها في الفقه والشريعة، من بينها كتاب “حزب الله” الذي يعرض لأهداف الحزب وتاريخه ورؤيته السياسية في مختلف الأمور.
ونظرا لكونه من المؤمنين الأشداء بولاية الفقيه، فقد ألف كتاب “الإمام الخميني بين الأصالة والتجديد”، وكتاب “الولي المجدِد”.
عاش قاسم جميع مواجهات حزب الله مع دولة الاحتلال من موقع مسؤوليته كنائب للأمين العام للحزب وعضوية مجلس الشورى، وذلك في حرب حصار بيروت، عام 1982 ثم في مواجهات عامي 1993 و1996، وحرب التحرير عام 2000، وحرب عامي 2006 و2017.
وعلى وقع اغتيال أمين عام حزب الله ظهر قاسم متحدثا عن الحزب في ظل غياب قائده الذي كان يتمتع بكاريزما وقدرة هائلة على الخطابة التي تمتد لساعات.
وبحسب اللائحة الداخلية لحزب الله، فإنه ينوب نائب الأمين العام للحزب، عن الأمين العام في حال حدث أي طارئ سياسي أو أمني له. وفي حال وفاة الأمين العام، يخول نائبه بتأدية مهامه إلى حين عقد اجتماع شورى عاجل تُنتخب فيه شخصية جديدة لتشغل منصب الأمين العام للحزب.
وقد اجتمع مجلس شورى الحزب وقرر بالتوافق انتخابه رئيسا لحزب الله.
وبدا وكأن قاسم هو الأكثر تأثرا برحيل نصر الله؛ فهو كان على علاقة مباشرة معه لأكثر من 35 عاما، من خلال الموقع العملي المشترك في شورى حزب الله، واللقاءات الدائمة، والتشاور، ومواكبة التطورات.
وكان قاسم الذي يبلغ من العمر 71 عاما حين يسأل عن دخول الحزب حرب الإسناد لغزة يقول لمستمعيه إن الهدف هو الضغط على دولة الاحتلال للتخلي عن حملتها في غزة والتي تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني.
نعيم قاسم ليس حسن نصر الله بالتأكيد، فهناك فارق كبير في اللغة وفي القدرة على الارتجال وفي الكاريزما، فحسن نصر الله سيبقى علامة فارقة في تاريخ الحزب وتاريخ لبنان وتاريخ المنطقة. كان قائدا ورمزا رحل كقائد لكنه سيبقى رمزا، وسيكون خليفته مهما كانت قدراته في ظله.
ونعيم قاسم مدرك تماما لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في ظل الحرب المتوحشة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة ولبنان، ورغم أن ليس قائدا عسكريا إلا أن موقعه يحتم عليه البقاء بعيدا عن دائرة الضوء في ظل مطاردة الاحتلال لجميع قادة المقاومة.