الجريمة في أراضي 48.. مخطط إسرائيلي يهدد الوجود الفلسطيني

السبيل – خاص
تتزايد جرائم القتل في أراضي 48 بشكل غير مسبوق، وسط غياب أي تحرك جاد من قبل سلطات الاحتلال لوقف هذه المذابح اليومية.
وآخر هذه الجرائم؛ مقتل الشاب علاء طوافرة (18 عاماً) داخل منزله في بلدة وادي الحمام قرب طبرية، ليضاف إلى قائمة الضحايا الذين تجاوز عددهم 38 منذ بداية العام 2025، بينهم امرأتان وثلاثة شبان قتلوا برصاص الشرطة.
ولا يمكن عزل هذا العنف المستشري عن السياق السياسي الأوسع، حيث يتعامل الاحتلال مع الفلسطينيين في الداخل باعتبارهم “مشكلة ديموغرافية” يجب تفكيكها، حتى لو كان الثمن تحويل شوارعهم إلى ساحات إعدام مفتوحة.
وتقف شرطة الاحتلال، التي تُظهر فاعلية مذهلة عندما يتعلق الأمر بحماية المستوطنين، موقف المتفرج أمام هذه الجرائم، تاركة الفلسطينيين يواجهون مصيرهم وحدهم، في تعبير عن إهمال غير عشوائي، إنما هو امتداد لسياسات تمييزية تسعى لإضعاف الفلسطينيين من الداخل، عبر نشر الفوضى وتغذية الجريمة المنظمة، كجزء من استراتيجية تستهدف تفكيك النسيج الاجتماعي وتشتيت أي قدرة على المقاومة.
تواطؤ أمني
لا يقتصر دور الاحتلال على التقاعس في مواجهة الجريمة، بل يتعداه إلى التواطؤ المباشر مع العصابات الإجرامية التي باتت تتحرك بحرية داخل المجتمع الفلسطيني.
جرائم القتل تُترك دون تحقيق، والأسلحة تتدفق إلى أيدي المجرمين، بينما يدّعي الاحتلال أنه غير قادر على احتواء العنف.. هذه ليست مجرد سياسات فاشلة، بل هي خطة متعمدة تهدف إلى تمزيق الهوية الفلسطينية في الداخل وتحويلها إلى مجتمعات متناحرة تغرق في صراعات داخلية.
وتكشف تصريحات المسؤولين الإسرائيليين هذا المخطط بوضوح. رئيس بلدية اللد، يائير ريفيفو، قالها صراحة: “بدلًا من التهجير المباشر، نسمح لهم بقتل بعضهم البعض”، في اعتراف خطير يؤكد أن الاحتلال لا يحتاج إلى الترانسفير العلني ما دام يمكنه خلق بيئة تدفع الفلسطينيين إلى الفناء الذاتي.
تطهير ديموغرافي بصيغة جديدة
إن ما يجري في أراضي 48 ليس مجرد أزمة جريمة، بل هو وجه آخر من وجوه الحرب التي يشنها الاحتلال ضد الوجود الفلسطيني. إنها سياسة مدروسة لتفكيك المجتمع وإضعافه، تمهيدًا لفرض وقائع ديموغرافية جديدة تجعل الفلسطينيين أقلية مسحوقة بلا أي قدرة على التأثير السياسي أو الاجتماعي.
إن ترك الفلسطينيين ليقتلوا بعضهم البعض يخدم الاحتلال أكثر من أي عملية عسكرية، فهو يُحقق أهدافه دون أن يثير ردود فعل دولية، ويجعل المجتمع الدولي ينظر إلى الأزمة على أنها مشكلة “داخلية”، وليست نتيجة مباشرة لسياسات استعمارية ممنهجة.
أمام هذا الواقع؛ يبرز السؤال: هل سيستمر الفلسطينيون في الداخل أسرى لهذه الدوامة، أم أن الوقت قد حان لفضح هذه السياسات والعمل على مواجهتها قبل فوات الأوان؟