إحالة قدورة على التقاعد وأد لقضية الأسرى
كاتب المقال : علي سعادة

بإحالة رئيس هيئة شؤون الأسرى المناضل الوطني عبد القادر فارس حامد، المعروف باسم “قدورة فارس”، على التقاعد بعد رفضه قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلغاء القوانين والأنظمة المتعلقة بدفع مخصصات مالية لعائلات الشهداء والأسرى، تكون سلطة رام الله قد دقت المسمار الأخير بنعش قضية الأسرى.
كما أصدر عباس، قرارا رئاسيا بتعيين، رائد عرفات أبو الحمص، رئيسا لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، بدرجة وزير بدلا من قدورة.
قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، باتت ورقة مساومة إسرائيلية أمريكية للسلطة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة على السلطة الفلسطينية.
فقد تزامن إصدار القرارين مع تواصل ردود الفعل الرافضة مرسوماً سابقًا أصدره عباس بإلغاء القوانين والأنظمة المتعلقة بدفع مخصصات مالية لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى، ونص المرسوم على نقل برنامج المساعدات النقدية المحوسب وقاعدة بياناته من وزارة التنمية الاجتماعية إلى “المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي.”
قدورة من الأصوات الوطنية التي لم تتوقف يوما عن الدفاع عن الأسرى خصوصا بعد حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على الضفة الغربية وقطاع غزة، وارتفاع أعداد الأسرى إلى أرقام فلكية تجاوزت حاجز العشرة آلاف مع عدم معرفة أعداد أسرى قطاع غزة الذين لم يكشف عن هويتهم، وعمليات التعذيب والقمع والقتل التي يواجهها الأسرى في سجون الاحتلال.
قدورة، وهو وزير سابق، وأسير أمضى 14 عاما في سجون الاحتلال، وقيادي في حركة فتح، رفض مرسوم عباس، وطالب بسحبه فورا، وقال في مؤتمر صحفي إن الهيئة تفاجأت بالمرسوم، مشيرا إلى أن “موضوعا بهذا الحجم كان يستدعي انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، وأن يناقش في كافة الأطر الحزبية، لاتخاذ قرار بشأنه”.
ونحو 35 إلى 40 ألف أسرة فلسطينية ستتأثر بهذا المرسوم، وهو يمس شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني.
قدورة ناشد “الإخوان في اللجنة المركزية لحركة فتح والمجلس الثوري والأقاليم أن يقفوا عند مسؤولياتهم”، مؤكدا أن مخصصات الأسرى كانت محل إجماع.
القرار لا يمكن تصنيفه إلا ضمن “الخضوع” لشروط الاحتلال وضغوط الإدارة الأميركية والجهات الممولة للسلطة، وهو تخل علني وصريح بلا إحساس بالمسؤولية عن قضية يجمع الشعب الفلسطيني على أهمية حضورها في الوجدان الوطني الفلسطيني على مدى أكثر من 100 هي عمر الصراع.
واستخدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي “مخصصات الأسرى” كذريعة لتجميد أموال المقاصة التي تجبيها نيابة عن السلطة الفلسطينية، وبأنها تريد منع السلطة من دفع مخصصات للشهداء والجرحى والأسرى، معتبرة هذه المخصصات “تمويلا للإرهاب”.
وذكرت تقارير إعلامية أن السلطة طلبت من إدارة ترامب إلغاء قانون “تايلور فورس”، الذي يمنع الحكومة الأميركية من تقديم مساعدات اقتصادية للسلطة الفلسطينية حتى تتوقف عن دفع مخصصات لعائلات الأسرى والشهداء.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن السلطة أبلغت الولايات المتحدة بأنها تأمل في أن “توقف إسرائيل الاقتطاعات من أموال الضرائب المحولة إليها”.
خطوة رام الله رسالة سلبية تجاه كل الأصوات الوطنية التي تدافع عن حقوق الأسرى وعائلاتهم، في وقت يحتاج فيه الموقف الوطني إلى التكاتف والثبات أمام التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
كما أن حقوق الأسرى والشهداء تمثل ثابتا وطنيا لا يجوز المساس به أو إخضاعه لأي اعتبارات سياسية، وأي محاولة لتقييد حرية التعبير عن هذا الحق تضعف الجهود المبذولة لحماية قضية الأسرى من الضغوط الخارجية.
وفي ظل الوضع المشتعل في الضفة الغربية بات الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة جديدة تكون شرعية ومنتخبة وقادرة على مواجهة عمليات التهجير والتدمير والقتل التي يمارسها الاحتلال في جميع مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسلطة.