تصريحات كاتس حول الدولة الفلسطينية.. المقاومة ستحطم أحلام الاحتلال التوسعية

السبيل – خاص
يؤكد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس من جديد أحد الثوابت الراسخة في العقيدة الصهيونية، وهي رفض أي كيان سياسي فلسطيني مستقل، حتى لو كان شكلياً أو منزوع السيادة.
جاء ذلك خلال لقاء كاتس بوفد من مجلس الشيوخ الأمريكي برئاسة السيناتور ليندسي غراهام، شدد خلاله على أن “إسرائيل” لن توافق أبدا على قيام دولة فلسطينية، في تحدٍ جديد لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
ويأتي هذا التصريح في سياق أكثر تطرفاً، حيث تحاول “إسرائيل” استثمار عدوانها على قطاع غزة لفرض وقائع جديدة على الأرض، والانتقال إلى مرحلة حسم مشروعها الاستيطاني، عبر ضم الضفة الغربية بالكامل، وإنهاء أي إمكانية لحل الدولتين الذي تتذرع به بعض الأطراف الدولية والعربية.
تصريح كاتس خلال لقائه وفداً برئاسة غراهام، أحد أكثر الداعمين تطرفاً للاحتلال الصهيوني، يحمل دلالة واضحة على استمرار الدعم الأمريكي المطلق لكل جرائم الحرب التي ينفذها الاحتلال في غزة والضفة. فمنذ بدء “طوفان الأقصى” قدمت واشنطن للكيان كل أشكال الدعم العسكري والسياسي، ووفرت لها الغطاء الدبلوماسي لحماية الاحتلال من المساءلة الدولية، سواء في مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية.
هذا التحالف الأمريكي – الإسرائيلي يتجاوز المصالح السياسية التقليدية، إذ إن دعم واشنطن لـ”إسرائيل” لا يتوقف عند حدود العلاقات الاستراتيجية، بل يرتبط بمشروع استعماري يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وإبقاء إسرائيل كقاعدة عسكرية متقدمة في قلب المنطقة العربية.
القضاء على المقاومة.. أولوية الاحتلال
وقال كاتس خلال اللقاء إن “أولويات إسرائيل واضحة: منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليين في غزة)، والقضاء على حماس، و(إبرام) اتفاق (لتطبيع العلاقات) مع السعودية”.
وتعكس تصريحات كاتس بشأن “القضاء على حماس” إدراك الاحتلال أن استمرار المقاومة هو العقبة الأساسية أمام تنفيذ مخططاته التوسعية. فالحرب على غزة لم تحقق الأهداف الإسرائيلية، ولم تنجح في إنهاء المقاومة أو حتى تحجيمها، بل على العكس، ازدادت المقاومة تعقيداً وتنظيماً، وفرضت معادلات جديدة في الصراع، سواء على المستوى العسكري أو السياسي.
“إسرائيل” تعلم أن بقاء المقاومة يعني بقاء القضية الفلسطينية حيّة، لذلك فإنها تصر على خيار الاستئصال الكامل، وهو ما يفسر رفضها لأي حلول سياسية، وسعيها لإعادة احتلال غزة، أو فرض وصاية إقليمية عليها ضمن مخططات التهجير، التي يروّج لها دونالد ترامب مجدداً.
السعودية وإيران
ويحاول كاتس استخدام ورقة التطبيع مع السعودية كأحد الأهداف الاستراتيجية للاحتلال، لكنه يدرك أن العقبة الكبرى أمام ذلك هي القضية الفلسطينية.
فالسعودية رغم التقدم في العلاقات غير الرسمية مع “إسرائيل” لا تستطيع القفز على موقفها العلني الداعي إلى حل الدولتين.
ومع ذلك؛ فإن إسرائيل تراهن على عامل الوقت، والضغوط الأمريكية، لتحقيق اختراق في هذا الملف، خاصة بعد الانتخابات الأمريكية التي أعادت ترامب إلى البيت الأبيض، وهو أكثر الرؤساء الأمريكيين استعداداً لخدمة المشروع الصهيوني بلا قيود.
وكعادة القادة الصهاينة؛ لم يغفل كاتس استدعاء إيران كعدو مشترك، في محاولة لحشد الموقف الأمريكي والغربي خلف “إسرائيل”.
لكن ما يتجاهله الاحتلال أن محور المقاومة أصبح أكثر تماسكاً، وأن أي مواجهة قادمة لن تكون محدودة في الجغرافيا، بل ستفتح جبهات متعددة، وهو ما بدأت “إسرائيل” تدركه فعلياً مع تنامي الاشتباكات على الجبهات اللبنانية والعراقية واليمنية.
لا جديد.. ولكن!
صحيح أن تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي لا تحمل جديداً، لكنها تكشف بوضوح أن “إسرائيل” ماضية في مشروعها التوسعي، وأنها لا ترى أي وجود سياسي مستقل للفلسطينيين.
لكن هذا التعنت يواجه معادلة أخرى فرضتها المقاومة، التي أثبتت أن الاحتلال غير قادر على فرض إرادته بالقوة، وأن كل محاولاته للقضاء عليها لم تزدها إلا قوة وتجذّراً.
المرحلة القادمة ستشهد مزيداً من محاولات الاحتلال لفرض حلول استسلامية، عبر الضغط العسكري والسياسي، لكن التجربة التاريخية أثبتت أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، وأن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على مشروع المقاومة، الذي يشكّل اليوم الحاجز الوحيد أمام تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.