جريمة في وضح النهار.. الاحتلال يسعى لفرض واقع ديمغرافي جديد وخلق بيئة طاردة بالضفة

السبيل – خاص
في تصعيد خطير لسياسة العقاب الجماعي والتهجير القسري، واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات هدم المنازل الفلسطينية اليوم الثلاثاء، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ولا تأتي هذه الممارسات التي تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة؛ بمعزل عن سياسات الاحتلال الأوسع الرامية إلى تغيير التوزيع السكاني وفرض وقائع جديدة على الأرض، بما يخدم المشروع الاستيطاني.
هدم متصاعد وتشريد قسري
وشهدت مناطق فلسطينية عدة عمليات هدم مكثفة خلال الأيام الأخيرة، كان أبرزها في كفر الديك بمحافظة سلفيت، حيث أقدمت جرافات الاحتلال على هدم منزل مأهول تبلغ مساحته 150 مترًا مربعًا، إلى جانب “بركس” يعود للمواطن همام توفيق علي أحمد.
أما في مخيم طولكرم، فقد صعّدت قوات الاحتلال من عمليات التدمير، إذ شرعت في هدم 14 منزلًا بحجة فتح شارع جديد وسط المخيم، لكن الأرقام تكشف حجم الاستهداف الأوسع، حيث بلغ إجمالي المنازل المدمرة منذ بدء العدوان على المخيم 22 منزلًا، إضافة إلى 300 منزل متضرر جزئيًا، و11 منزلًا أُحرقت بالكامل، مما أدى إلى نزوح أكثر من 10,450 فلسطينيًا.
ولم تقتصر الجرائم على المنازل، بل طالت البنية التحتية للمخيم، حيث تعمد الاحتلال تدمير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.
وامتدت سياسة الهدم إلى قرية أم الخير في مسافر يطا جنوب الخليل، حيث هدمت قوات الاحتلال مسكنًا يعود للمواطن ماجد شعيب الهذالين، مع تجريف الأراضي المحيطة به، في محاولة واضحة لإفراغ المناطق البدوية من سكانها.
أما في القدس المحتلة، فقد استهدفت بلدة جبل المكبر بعملية هدم طالت أربعة منازل تعود لأشقاء من عائلة هلسة، في إطار خطة أوسع تستهدف الأحياء المقدسية لتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة.
أبعاد سياسية وحقوقية
لا يمكن فصل هذه العمليات عن النهج الإسرائيلي العام القائم على فرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية، وخاصة في القدس والمناطق المصنفة (ج).
فالاحتلال يسعى إلى تفريغ هذه المناطق من سكانها الفلسطينيين، عبر أساليب متعددة تشمل الهدم، والاستيطان، والتضييق الاقتصادي، بهدف تسهيل السيطرة عليها وضمّها فعليًا إلى “إسرائيل”.
حقوقياً؛ تمثل عمليات الهدم هذه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر تدمير الممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة، إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى، وهو شرط لا ينطبق على ممارسات الاحتلال.
كما تؤكد اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية أن التهجير القسري للسكان وتدمير ممتلكاتهم دون مبرر عسكري يشكلان جرائم حرب.
ما وراء التصعيد
يهدف الاحتلال من خلال هذه العمليات إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، من أبرزها:
- فرض واقع ديمغرافي جديد: خاصة في القدس والمناطق القريبة من المستوطنات، عبر تقليص الوجود الفلسطيني.
- معاقبة الفلسطينيين على مقاومتهم للاحتلال: حيث يُستخدم هدم المنازل كأداة عقابية جماعية، كما هو الحال في مخيم طولكرم.
- خلق بيئة طاردة للسكان: عبر استهداف البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يدفع الفلسطينيين للهجرة القسرية.
دعوات للتحرك الدولي
في ظل هذا التصعيد المستمر؛ تتزايد الدعوات الحقوقية لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها. إذ إن غياب المساءلة الدولية يشجع الاحتلال على المضي قدمًا في مخططاته.
ومن هنا؛ فإن التحرك المطلوب لا يجب أن يقتصر على الإدانات، بل يجب أن يتجاوزها إلى خطوات ملموسة، تشمل فرض عقوبات على إسرائيل وملاحقة المسؤولين عن جرائم الهدم والتهجير أمام المحاكم الدولية.
إن تصاعد عمليات الهدم يعكس نية الاحتلال المبيتة لتغيير الوقائع على الأرض، عبر سياسات تستهدف الوجود الفلسطيني في جوهره. وبينما تتزايد هذه الانتهاكات، يبقى السؤال الأهم: متى يتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم التي تشكل انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية؟