عقبات كبرى في طريق خطة ترامب بشأن غزة!

السبيل – خاص

في محاولته لطرح “حل” جديد للقضية الفلسطينية؛ يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى مقاربة لا تمتّ للواقع بصلة، حيث يروج لفكرة تهجير سكان قطاع غزة، وفرض واقع جغرافي وسياسي جديد يخدم المصالح الصهيونية.

لكن هذه الخطة، وإن بدت طموحة في نظر من يقفون خلفها، تصطدم بجملة من العقبات التي تجعلها أقرب إلى الخيال السياسي منها إلى الواقع العملي.

أولاً: الرفض الفلسطيني القاطع

لا يمكن لأي خطة، مهما بلغت قوتها، أن تتحقق دون قبول الطرف الأساسي المتضرر منها، وهو الشعب الفلسطيني. ومن الواضح أن الفلسطينيين في غزة، كما في الضفة والشتات، يرفضون بشكل قاطع أي محاولات تهجير قسري أو إعادة تشكيل ديموغرافي لهم.

قطاع غزة، الذي يضم أكثر من 2.3 مليون نسمة، يمثل قلعة الصمود الفلسطيني، وأي محاولة لإخلائه ستُواجه بمقاومة شرسة، ليس فقط من الفصائل المسلحة، بل من الشعب بأسره.

إن خيار المقاومة حتى الرمق الأخير سيظل حاضراً في وجه أي مخطط يهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.

ثانياً: الموقف المصري والأردني الرافض

يعدّ كل من مصر والأردن من أكثر الدول المتضررة من أي محاولة تهجير للفلسطينيين من قطاع غزة. فالحكومة المصرية تدرك جيداً أن السماح بإعادة توطين فلسطينيين في سيناء سيعني فقدان السيطرة على جزء استراتيجي من البلاد، وربما خلق واقع أمني غير مستقر، خاصة في ظل احتمالية أن يشكل ذلك بؤرة للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي مستقبلاً.

أما الأردن، فهو يعي أن استقبال أعداد كبيرة من الفلسطينيين سيقلب التوازنات السكانية داخله ويؤدي إلى اضطرابات سياسية هو في غنى عنها.

لذلك؛ أعلن كلا البلدين رفضهما القاطع لهذه الخطة، مما يعيق تنفيذها، أو يجعله مستحيلاً.

ثالثاً: المعوقات داخل الكيان

على الرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي يتبنى سياسات تهويدية وتهجيرية منذ عقود، إلا أن هناك أصواتاً داخل الكيان تدرك استحالة تطبيق مثل هذه الخطة.

فعملية التهجير القسري بهذا الحجم ستشكل عبئاً أمنياً وعسكرياً غير مسبوق، وقد تؤدي إلى تصعيد المقاومة الفلسطينية إلى مستويات غير محسوبة.

كما أن هناك مخاوف داخل أروقة صنع القرار الإسرائيلي من التداعيات الدولية لأي خطوة كهذه، إذ قد تؤدي إلى عزلة دبلوماسية أكبر للكيان.

رابعاً: المخاطر الأمنية الإقليمية

أي محاولة تهجير قسري لسكان غزة ستشعل المنطقة بأكملها. فحركات المقاومة في غزة تمتلك القدرة على استنزاف الاحتلال عبر حرب طويلة الأمد، كما أن أي تصعيد بهذا المستوى سيؤدي إلى تدخلات إقليمية، سواء من إيران أو من قوى أخرى في المنطقة.

فالمقاومة الفلسطينية أثبتت أنها ليست معزولة، بل تحظى بدعم شعبي واسع داخل العالم العربي والإسلامي، وأي محاولة لفرض مخطط التهجير ستؤدي إلى انفجار واسع لن تتمكن القوى الداعمة للاحتلال من احتوائه.

خامساً: الضغط الدولي والموقف الغربي

رغم الدعم الأمريكي المطلق للاحتلال الإسرائيلي، إلا أن القوى الغربية الأخرى، خاصة في أوروبا، قد تجد نفسها مضطرة إلى معارضة خطة بهذا الحجم.

فالتهجير القسري للفلسطينيين سيمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وسيدفع الشعوب الأوروبية إلى زيادة الضغوط على حكوماتها لاتخاذ مواقف حازمة ضد الاحتلال.

كما أن الشركات الغربية الكبرى، التي بدأت تعاني من تداعيات مقاطعة الشعوب العربية والإسلامية بسبب دعمها للاحتلال، لن تكون مستعدة للمخاطرة بالمزيد من الخسائر.

سادساً: استحالة التنفيذ العسكري

على افتراض أن الاحتلال، بدعم أمريكي، حاول تنفيذ هذا المخطط بالقوة العسكرية، فسيجد نفسه في مواجهة مقاومة فلسطينية مستعدة لخوض معركة طويلة.

فالاحتلال لم ينجح حتى الآن في القضاء على المقاومة في غزة رغم امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة، فكيف يمكنه تنفيذ خطة تهجير كاملة وسط معارك يومية، وفي ظل بيئة قتالية وعرة مليئة بالأنفاق والتجهيزات القتالية المعقدة؟

وحتى لو استعمل القوة القصوى؛ فإن الكلفة البشرية والمادية ستكون باهظة، وقد تؤدي إلى انهيار سياسي داخل الكيان ذاته.

خطة ترامب بشأن غزة ليست سوى وهم سياسي، تحاول قوى الاحتلال ومن يدعمها تسويقه على أنه “حل نهائي”، لكنه في الواقع محكوم بالفشل منذ لحظة ولادته.

إن الشعب الفلسطيني أثبت مراراً أن صموده واستعداده للتضحية أكبر من أي مخططات تهجيرية. ومثلما فشلت كل مشاريع التصفية السابقة، ستتحطم هذه الخطة على صخرة المقاومة والصمود الفلسطيني، وستبقى غزة عنواناً للتحدي والثبات في وجه الاحتلال وأعوانه.