المقاومة تتقن الحرب النفسية والحبل يلتف على عنق نتنياهو
كاتب المقال : عبد الله المجالي
كما أبدعت في التخطيط لمعركة طوفان الأقصى، وكما أبدعت في التمويه والخداع الاستراتيجي، وكما أبدعت في بناء الأنفاق والقدرات الهجومية والدفاعية، وكما أبدعت في بناء المقاتل عقديا وجسديا، فإنها تبدع كذلك في الحرب النفسية ضد العدو من جهة ورفع معنويات شعبها وأنصارها في كل العالم من جهة أخرى.
إبداعات المقاومة في الحرب النفسية ورفع المعنويات بدأت منذ العدوان الهمجي على القطاع ولم تتوقف، وكان لها وقع سواء على العدو أو على الشعب الفلسطيني وأنصار المقاومة.
لكن الأداء الرفيع للمقاومة برز بعد دخول صفقة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وبالذات مع مشاهد تسليم الأسيرات المعد بطريقة متقنة جدا.
ليلة أمس وصباح اليوم كان العدو على موعد مع صفعتين جديدتين، كل واحدة منهما أقسى من الأخرى؛ فما كان العدو يصحو من صفعة برنامج “ما خفي أعظم” حتى كان مع موعد تسليم الأسيرات الجنديات الأربع.
رسائل المقاومة كانت بالاتجاهين؛ مزيد من الضغوط النفسية على العدو، ومزيد من جرعات النشوة والفخار للشعب الفلسطيني وأنصار المقاومة.
لقد كان برنامج “ما خفي أعظم” ضربة معلم، فالبرنامج وإن كان من إعداد الصحفي تامر المسحال، إلا أنه من الواضح أن هذا ما كانت تريد المقاومة تمريره في هذا الوقت، حيث كشف العديد من إخفاقات العدو الاستراتيجية سواء في الناحية الأمنية أو العسكرية أو الاستخبارية وحتى السياسية، كما كشفت العديد من أكاذيب الرواية الصهيونية أمام شعبها؛ فلا الضيف مصاب، أو مشلول كما كانوا يدعون، ولا السنوار كان يقبع في الأنفاق كما كانوا يروجون.
يبدو أن المقاومة تريد المشاركة في تأجيج الخلافات داخل المجتمع الصهيوني، وداخل الحكومة الصهيونية التي ظلت تتعنت للقبول بوقف إطلاق النار، وها هي استطلاعات الرأي تشير إلى ملل الجمهور الصهيوني من الإرهابي نتنياهو، حيث يكشف استطلاع حديث أن 63 بالمئة من الصهاينة يعتقدون أن نتنياهو يجب عليه أن يرحل.
على الجانب الآخر؛ تدرك المقاومة مدى التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في غزة، ولذلك كانت تحية القيادي في الكتائب للشعب أقل ما يمكن أن تقدمه المقاومة تعبيرا عن شكرها واحترامها لكل تلك التضحيات.
في مشهدية التسليم الثاني للأسيرات، تم إعداد المسرح بطريقة فنية رائعة، فقد كان الوقت يسمح لذلك عكس مشهد التسليم الأول.
كان ميدان فلسطين في قلب مدينة غزة المكان الذي اختاره “المايسترو” بعناية؛ فالميدان اسمه فلسطين والمكان قلب مدينة غزة، والجنود هم جنود المقاومة من كتائب القسام وسرايا القدس والشهود هم قوات الشرطة والأجهزة الأمنية والحضور هم الحاضنة الشعبية التي صمدت الصمود الأسطوري.
تلك المشاهد كافية لتفجير نقاش عنيف داخل الكيان، وكافية لتفجير عواطف جياشة وفخورة داخل أنصار المقاومة التي ما زالت تبهرنا بإبداعاتها.