من الذي حرض الشباب؟!
كاتب المقال : عبد الله المجالي
يثير السؤال الاستغراب والاستهجان، وهو سؤال غير مستساغ ابتداء، فهو كمن يسأل من الذي حرض الطفل على أن يحب والديه؟!! ومن الذي حرض الجندي على أن يضحي بنفسه من أجل وطنه؟! هل يمكن أن نسأل مثل هكذا أسئلة؟ ربما في زمن العجائب وانقلاب المفاهيم ووجود أمثال سحرة فرعون قبل أن يؤمنوا بالطبع ويذعنوا للواحد القهار وينفضوا عن فرعون قبل أن يوردهم النار.
ثم هل يحتاج أحد في العالم العربي والإسلامي أن يحرضه أحد أمام هول ما يجري في غزة.. أمام المذبحة التي ترتكب في بث حي ومباشر.. أمام تجويع وحصار وتشريد الأطفال والنساء.. أمام حرقهم وسحقهم تحت جنازير الدبابات.. أمام دفنهم أحياء تحت التراب، وهم يستغيثون ولا أحد يجيب استغاثاتهم.
هل يحتاج أحد في العالم العربي والإسلامي أن يحرضه أحد أمام ما يرى من دعم علني مادي ومعنوي وإعلامي للعدو الصهيوني من الولايات المتحدة والعالم الغربي.. دعم بمليارات الدولارات.. مئات الآلاف من القنابل.. أحدث أنواع الأسلحة.. دعم أمني واستخباري مباشر.. دعم دبلوماسي وتغطية على كل تلك الجرائم.. دعم إعلامي، مقابل حصار خانق على غزة التي تباد.
هل يحتاج أحد في العالم العربي والإسلامي أن يحرضه أحد أمام ما يرى من عجز وخور وقلة حيلة لعالم عربي وإسلامي مترامي الأطراف، وجيوش جرارة تملأ الآفاق، وملايين الأطنان من الأسلحة المخزنة، وتريليونات من الدولارات، وكلها عاجزة عن إدخال مساعدات كافية للمتضورين جوعا في غزة.
الجميع يدرك أن الغضب يعتمل ويتزايد في الصدور، والجميع يدرك أن العربدة التي يقوم بها الكيان في المنطقة ستجرها إلى ما لا تحمد عقباه.
كثيرون حذروا من انزلاق المنطقة إلى الفوضى إذا ترك هذا الكيان المجنون حرا، وربما أكثر من حذر من هذا هو الأردن وعلى لسان أرفع مسؤول فيه.
خطابات الملك عبد الله الثاني وتصريحاته ومداخلاته كلها حذرت من مغبة الجنون الصهيوني والعربدة التي لا أحد يردعها.
ما نشهده وسنشهده إن لم يتوقف جنون الكيان وجرائمه في المنطقة هو ما حذر منه الأردن مرارا وتكرارا، وإذا كان الكيان ومعه حلفاؤه في واشنطن والغرب لم يصغوا جيدا لتحذيرات الأردن، فإنهم يتحملون مسؤولية انزلاق المنطقة إلى الفوضى والحرب الشاملة التي بدأت إرهاصاتها جلية الآن.