تقرير “المحاسبة”.. تريندات وإفيهات
كاتب المقال : فارس القرعاوي
بالعودة إلى تقرير ديوان المحاسبة وترينداته، لا يبدو بريئا تسليط الضوء على المؤذنين الثلاثة الذين تقاضوا رواتبهم رغم تغيبهم عن عملهم سنوات طويلة في إجمالي مبلغ لم يزد على 115 الف دينار، واللافت أن تقارير عدة صدرت عن ديوان المحاسبة منذ تغيب المؤذن الأول من حيث الأقدمية في عام 2008 ويليه مؤذنان في عامي 2012 / 2013 فيما لم يرد في اي من التقارير السنوية أي ذكر للمخالفات التي ارتكبها المؤذنون الثلاثة، ومن ساعدهم ومن تستر عليهم، وإلا كيف لموظف أن يتغيب 10 سنوات عن دوامه دون ان تطاله المساءلة القانونية، مع ان انقطاع أي موظف عام عن عمله 10 أيام تواليا تعني فصله من عمله بوجب القانون!
ويبقى إعلامنا المحترم يعشق البلوكات الجاهزة التي يتم تمريرها، بينما بين يديه النص الكامل للتقرير السنوي الذي يبقى عليه مأخذ انه يصدر تقرير العام 2023 أواخر عام 2024، نزولا للسنوات السابقة ومقارنة التوقيت في صدور التقارير السنوية.
قلت إن اعلاميينا وصحفيينا يحبذون المادة الجاهزة للنشر، ما تلبث أن تنسخ وتلصق وتنشر عبر أروقة الشبكة العنكبوتية، فلا يحمل المحرر نفسه عناء الرجوع لمصدر المعلومة وتحري الدقة في الاخبار أو النبش عن معلومة ربما أُرِيد طمسها بما تم تسريبه.
بالمناسبة، مكافآت موظفي الإذاعة والتلفزيون لعام واحد (2023) ناهزت المليون دينار، وتبقى مسألة التزامهم أو تغيبهم عن الدوام لم يأت على ذكرها التقرير! وبعيدا عن إلقاء التهم جزافًا، فما هو مؤكد تغيب التلفزيون الأردني نفسه عن هموم وقضايا المواطن؛ فكيف يكون الصرف على شكل مكافآت تزيد على “الحد المسموح به” بهذا الترف؟!
وأورد التقرير أن مؤسسة الاذاعة والتلفزيون تخلت عن أراض لها لصالح سلطة إقليم العقبة، خلافا لأحكام المادة (4/ه) من قانون الملكية العقارية لسنة 2019 والذي يفوض دائرة الأراضي والمساحة بمثل هذه المعاملات، مبينا أن هذه الأراضي أقيم عليها مشروعا آيلا وسرايا، وهنا تفتح الجزئية الأخيرة المتعلقة بالمشروعين الباب على مصرعيه أمام التساؤلات حول المستفيد من التمليك.
التقرير عرج على قضية غاية في الأهمية وهو قيام هيئة المغطس بشراء قطعتي أرض بموجب قرار مجلس الأمناء في حوض زور الخرار الشمالي من أراض غور الكفرين ما مساحته 115 دونما بنحو مليون دينار اردني، والمخالفة هنا أن مجلس أمناء هيئة الموقع قام بعملية الشراء دون موافقة من رئاسة الوزراء.
في كل مرة يصدر التقرير السنوي تأخذ بعض الإفيهات الشهرة على مستوى الاعلام المحلي، بينما يبقى ما جاء في التقرير في الظل ما دام أن دور ديوان المحاسبة انحسر بين رصد المخالفة والتوصية، ولم يكتسب صفة الضابطة العدلية، الأمر الذي قد يصيب الكادر الكبير الذي يقوم على إعداد التقرير بالملل لأنه لا يملك صلاحيات مباشرة لتصويب الاوضاع، واتخاذ الاجراء القانوني المناسب بحق المخالفين، حيث إن الفترة التي تتزامن مع صدور التقرير من نهاية كل عام تضع الديوان عرضة للتندر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.