هل يستطيع نتنياهو المضي قدماً في خروقاته الأمنية والسياسية؟
كاتب المقال : حازم عياد
![حازم عياد](https://assabeel.net/wp-content/uploads/2024/10/IMG_0015.jpeg-خنم.jpeg)
816 خرقا اسرائيليا لاتفاق وقف اطلاق النار تسببت بمقتل 45 لبنانيا بعد مضي شهر على الاتفاق، و420 هجوما داخل الاراضي السورية وتوغل اسرائيلي بعمق يزيد على 20 كم في بعض المواقع وبمساحة تقدر 400 كم مربع من الاراضي السورية منذ سقوط نظام الاسد في الثامن من ديسمبر الحالي.
اكثر من ثلاث غارات شنها الاحتلال الاسرائيلي داخل الاراضي اليمنية، وتهديدات بتكثيفها الى جانب اعلان نيته إرسال قطع بحرية بالقرب من المياه الاقليمية اليمنية استعدادا لتصعيد اكبر.
هجمات داخل الضفة الغربية يقودها جيش الاحتلال والمستوطنون واخرى يقودها الجنرال الامريكي مايكل فنزل تم الاعداد لها في مايو / ايار من العام الذي يكاد ينقضي تعمل على مدار الساعة مناطق السلطة وبالتعاون معها، وحرب ابادة متواصلة على قطاع غزة لم تتوقف رغم مرور 451 يوما يرافقها حصار وحرب تجويع بغطاء سياسي وعسكري امريكي اوروبي.
اخيرا وليس آخرا مناورات عسكرية في غور الاردن واعلانات متكررة عن نية الاحتلال ضمه لسيادته مترافق مع تهديد متواصل بشن هجمات واسعة داخل الاراضي الايرانية بل العراقية.
مسرح عمليات الاحتلال الاسرائيلي قارب في مساحته 5 ملايين كم مربع لمسافة تمتد الى ما هو ابعد من 2000 كم بقليل، يستخدم فيها الاحتلال الاسرائيلي كافة صنوف الاسلحة تقريبا باستثناء الاسلحة النووية التي لم يتأكد لجوؤه اليها حتى اللحظة رغم الشكوك حول إقدامه على ذلك في ريف طرطوس السورية.
السؤال المطروح بعد هذا العرض السريع: الى اين يمضي الاحتلال في عدوانه؟ وهل يستطيع الكيان الاسرائيلي المضي قدما الى مالانهاية في هذه السياسيات التي يقودها نتنياهو وجيشه ومستوطنوه في المنطقة؟
ما يقوم به نتنياهو يعد اعظم غزوة للكيان في المنطقة منذ تأسيسه تفوق في امكاناتها ومساحتها حرب حزيران عام 1967 وحرب اكتوبر رمضان عام 1973 وحرب لبنان 1982، غير أنها حرب بلا نهاية او أفق واضح يمكن التطلع اليه حتى اللحظة، تتمتد لدرجة يمكن تخيل وصولها الى افغانستان وباكستان شرقا والصومال والسودان جنوبا، يغيب عنها الحسم وجبهاتها قابلة للاشتعال مجددا على غير ما يرغب نتنياهو وحلفاؤه في اوروبا واميركا.
المضي قدما في الحرب ومواصلة الخروقات والتهديد بتوسعة الجبهات يعني ان الاحتلال سيبقى مستنزفا يبحث عن النصر في جبال صعدة واودية ايران وبحر غزة وجبال لبنان وغوطة دمشق وسهول حوران وصولا الى العراق وصحاري العرب الشاسعة وبحارهم الضيقة.
الغرور والشعور بالتفوق دافع نتنياهو وقادة الاحتلال، والخوف والقلق الوجودي دافع آخر مخفي وكامن في سلوك الاحتلال وداعيمه، فما بعد الحروب غير المحسومة انتظار لجولة جديدة من القتال ، جولة انتظارها اقسى من الاستمرار و مواصلة الحرب بشكلها الحالي الذي يوفر الشعور بالطمأنينة لنتنياهو وقادة جيشه ومستوطنيه.
حرب الاستنزاف تتسع حلقاتها وتضيق اسرائيليا بحسب الحاجة للتحايل على الحسم المفقود، وأملاً في مصادفة نصر مختبئ في ثنايا الاقليم وبحاره، او سعيا لخفض التصعيد بين الحين والآخر بضغط امريكي وغربي و بضغط من تحولات الاقليم المفاجئة، غير ان العجز والانسداد السياسي والعسكري يقود في محصلته النهائية الى حرب استنزاف طويلة لا يملك نتنياهو مخرجا منها حتى اللحظة سوى المراوغة والبحث عن ضمانات اميركية او رايات بيضاء هنا اوهناك.
ختاما.. يستطيع نتنياهو مواصلة خروقاته ما دامت اميركا قادرة على توفير الغطاء والضمانات السياسية والعسكرية لنتنياهو وجيشه؛ فقرار وقف الحرب او مواصلتها لم يكن خيار نتنياهو و قادة الاحتلال والمستوطنين فقط ، بل قرار على واشنطن ان تتخذه بالنيابة عن نتنياهو وربعه قبل ان تتحول الخروقات الى خرق يصعب رتقه في الاقليم وهو مأزق سيتعاظم في حال تدهور صحة نتنياهو، وغيابه عن المشهد على نحو يؤدي لانكشاف اميركي مكتمل الاركان والابعاد في هذه الحرب.